لَعُوب!     

لَعُوبٌ تَهادَت تَنشُرُ الدَّلَّ، والسِّحرَا،         وتَبسِمُ إِمَّا أَوقَعَت في الهَوىَ غِرَّا

وإِن لَمَسَت في شاخِصٍ ضَعْفَ مُدْنَفٍ       تُناغِيهِ مِن عَيْنٍ، وتَزْوَرُّ بِالأُخرَى

تَثَنَّت، فَغُلُّ اللَّيلِ مِن غُنجِها ارتَوَى،        وكادَ جَوَى الأُلَّافِ أَنْ يَهتِكَ السِّترا

تَرَى فِيهِمِ الكَهْلَ، المُكَدَّسَ عُمْرُهُ،      غَزا الشَّيْبُ مِنهُ الفَوْدَ، واغتَصَبَ الشَّعرا

تَصابَى، فَأَلوَى عَن حِجاهُ، ضَلالَةً،      وأَوشَكَ يَستَجدِي الخَلاخِلَ، والخَصرا

وآخَرَ يَرنُو في تَشَهٍّ، وذِلَّةٍ،              فَأَضحَت مُناهُ السَّاقَ، والنَّحْرَ، والثَّغْرا

فَما طالَ حَتَّى سامِرٌ باتَ جُلُّهُ،               إِذا نَشَدَت أَمرًا غَدا يَنشُدُ الأَمرا

أَحاطُوا بِها، صَرْعَى هَواها، وكُلُّهُم          مَشُوقٌ إِلى النَّعْماءِ مِن لَفتَةٍ حَرَّى

وأَلفَت، بِوَجهِي، عَن غِواها، تَعَفُّفًا،         تَوَدُّ لو انِّي بِالطِّلَى، والرُّوا، أُغرَى

ومالَت لِتَرمِيَ لي الشِّباكَ… فَهَل دَرَت     نَصِيْبَ صِغارِ الطَّيْرِ إِذ تَطلُبُ النَّسرا؟!

وراحَت تَبُثُّ اللُّطْفَ مِن نَظَراتِها،           وتَلوِي بِعِطفَيها لِكَي تُبرِزَ الصَّدْرا

أَيا غادَةً كُفِّي عَنِ الرَّوْغِ، لَستُ مَنْ            يُقادُ مِنَ العَينَينِ، قد رَشَحَت نُكْرا

وَخَلِّي غِواكِ، لَنْ تَغُوصِي لِجَوهَرِي،          أَنا البَحرُ يُخفِي، في قَرارَتِهِ، الدُّرَّا

أَنا الفَجْرُ، يا حَسناءُ، شِعْرِيَ مِن رُؤًى،     فَدَعكِ، وما تَبغِينَ، لَن تَأسُرِي الفَجَرا

قُصاراكِ أَنْ أَشْهَى جَمالَكِ لَحظَةً،              تَبَخَّرُ مِثلَ الطَّلِّ قد عانَقَ الزَّهرا

أَنا أَعشَقُ العَينَينِ قد لاحَ فِيهِما                 مِنَ الخَفَرِ الفَتَّانِ ما يُسكِرُ العُمْرا

وأَهوَى شِفاهًا تَنشُرُ السِّحْرَ خالِصًا            فَتَترُكُ في الأَسماعِ تَرنِيمَةَ الذِّكرَى

جَمالٌ يُصافِينِي، ويَأسُرُ خاطِرِي،            ثَراءٌ بِحُسنِ القَدِّ، في داخِلٍ أَثرَى

ولَمَّا انزَوَى السُّمَّارُ، في بَعضِ شَأنِهِم،      دَنَت، وعلى أَهدابِها فِكَرٌ تَتْرَى

تَغُضُّ، حَياءً، إِذ تَذَلَّلُ بَعدَما                 سَمَت بِعُيُونِ القَومِ، وانتَصَبَت كِبْرَا

وقالَت، وقد باتَت لَصِيقَةَ مَقعَدِي:         غَرِيبٌ! أَلا يَبرِيكَ ما  لَيَّنَ الصَّخْرَا؟!

يَمُرُّ عَليكَ العِطْرُ، يَنفُذُ ضَوْعُهُ،        فَما تَنثَنِي، شَوقًا، ولا تَنتَشِي عِطرا!

أَتُغضِي! وَها الكَأسُ الشَّهِيَّةُ صارِخٌ        نِداها، وتَطوِي، في سُلافَتِها، السُّكْرا

فَقُلتُ: دَعِينِي؛ لَستُ مِمَّن إِذا رَأَوْا              جَمالَ قَوامٍ باتَ عُقَّالُهُم سَكْرَى

يَمُوتُ اشتِهاءٌ في الجَوارِحِ، عاجِلًا،          ولَكِنَّ ضَوْعَ الرُّوْحِ لا يَنفَدُ، الدَّهرا

أَنا قَطَراتٌ مِن نَدًى تَرتَوِي بِها              أَعاشِيبُ أَلوَتها الهَجِيرَةُ في الصَّحرا

فلا تَرتَجِي مِنِّي هَوايَ، أَنا دَمِي،            مِنَ الشَّهوَةِ الحَمراءِ، يِستَنزِلُ الشِّعْرا

دُنايَ! فلا تَبغِي، خَيالٌ، وأَحرُفٌ،           ودُنياكِ، يا أُختاه، ما يَقتُلُ الفِكرا

دُنايَ! رُؤَى لَيْلٍ مِنَ الخَمْرِ والهَوَى،       ودُنياكِ لا تَعدُو الزُّجاجَةَ، والخَمرا!

اترك رد