من غير أن أكون عاشقاً
ولن أكونْ..
فإنني ضجرتُ من قبيلة
أعيش عندها في الأسرِ
حافياً
وعارياً
وحول خيمتي الحرّاس واقفونْ…
يخيفني أن أدخل المجهول
والسراب
والضياع
والجنونْ…
فعندما أحببت ذات مرّة
عرفت أنّني مسيّرٌ
ولم أجد عندي
سوى الأحزان والظنونْ
وقيل لي
إنّ الذين يعرفونَ الحبّ طيّبونْ…
ويملكون الأرض
والسماء كلّها…
ويكتبون الشعر بالندى والعطر
حين يكتبونْ
لكنّني وجدت أنّهم مثلي معذّبونْ…
وهاربون من ظلالهم…
وليس من مكان آمن إليه يلجَؤونْ…
***
رغبتُ أن أعود مرّة إلى الوراءِ
حيث كنت سيّداً
وكان لي قصرٌ
وفوق برجه نخل وزيزفزنْ…
وكانت الرياح في يدي
وكان شاعر يجيء من بغدادَ
كي يقول عنّي كلّ شيء كاذبٍ…
لكنّني أحبّ مَن عليّ يكذبونْ
وربّما أكافئ الذين يقتلونني
فقد شربتُ مرّتينِ
واشتهيت الرقصَ
بين أعدائي الذين يرقصون…
***
من غير أن أكون كاذباً…
أحاول الفرار منكِ
مثل طائر
فلست أنتمي إلى الذين في الخفاء يلتقُونْ
ولا برعت في كلامهم
ولا فهمت كيف أنّهم يثرثرونْ
وكيف يخبرون عن وفائهم
وبعد ساعة أو ساعتين يخدعونْ
وكيف يفرحون كالصغار عندما يقبّلونْ…
فلا تقولي كلّما ابتعدت عنك
إنّني أخون…
فطالما أحببتُ أن أعيش في طفولتي
مشاغباً
وغاضباً…
ورافضاً
للموتِ
من تَوَحُّشِ العيونْ.
——
*مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابية” للأدب الراقي – سيدني ٢٠٢٢