عبد المجيد زراقط
أهداني شاعر وصاحب دار نشر وناشط ثقافي رواية، اشترك في كتابتها صحفي وكاتب قصص وروايات ، وشاعرة تكتب القصص والروايات، وطلب مني أن أكتب مقالة عنها، لأشارك بها في ندوة حافلة يقيمها لها.
التقيته ، بعد مدّة، وسألني: هل كتبت ؟ قلت: كتبت، ولم أُكمل الكتابة.
قال: لماذا؟ قلت: الرواية ملأى بالأخطاء المطبعية والنحوية والتواء الجمل و … . قال: كفى . هل فهمت ماكُتب؟ قلت: يعني؟
نظر اليَّ نظرة غريبة، وقال: هذا هو المهمُّ، فاللغة وسيلة تعبير وايصال. قلت : نظرتك الغريبة وسيلة تعبير واتصال. قال: تسق. قلت و”تسق” هذه كذلك وسيلة اتصال وتعبير .
أطلقت سيارة بوقها خلفنا لنحيد من الطريق، قلت: وصوت هذا البوق وسيلة تعبير واتصال .
وقفنا قرب اشارة ضوء. قلت له: هذا الضوء … .
قاطعني : أفّ … . قلت له : و”الأفُّ” هذه تعبِّر عن ضيقك، وصوتك العالي يوصل ضيقك اليَّ . هل ماذكرته لك لغة ؟ وهل هو لغة أدبية ؟ سكت . قلت له :
اللغة نظام / نسق من الكلمات / العلامات، الرموز الصوتية والمكتوبة، تشكله قواعد متناهية، تولّد عبارات وبنى غير متناهية. وهي ظاهرة اجتماعية، وبوصفها هذا ، ينبغي على كل فرد من أفراد المجتمع أن يلتزم بنظامها، وأيُّ خروج على هذا النظام يفقد اللغة صفتها الاجتماعية والوطنية، فاللغة لغة شعب، أو كما قال ابن جنِّي قديماً: لغة قوم، وليست لغة فرد، والفرد ينجز كلامه الخاص بهذه اللغة، ولكي يكون كلامه الخاص كلام لغة الشعب / القوم ينبغي أن يلتزم بقواعد نظامها . وهي ، كأي ظاهرة اجتماعية، تتطور ، وتطوُّرها تكوِّنه عوامل تاريخية، ولكن الوظائف التي تؤديها تبقى، وهي: التعبير ، الاتصال، التواصل، التفكير، تحصيل المعرفة وتقديمها ، حفظ التراث والانجاز المعرفي للشعب / القوم والابداع ، وهو ماتتجاوز فيه اللغة هوية الوسيلة / الأداة الى هوية الغاية / الابداع ، وهذه يعطيها ايَّاها الأدب ، وخصوصاً الشعر ، أيُّها الشاعر الذي لن يكون كبيراً الا اذا جعل انتاجه بهذه اللغة ابداعاً .