عَطَشْ!
رَبِّي! أَيا نَبعَ الجَمالِ أَكُلَّما خَطَرَ الجَمالُ صَبَتْ إِليهِ قُلُوبُ؟!
وَرَنَتْ لِدِفءِ الحُسْنِ أَلحاظٌ فما وَسِعَتْ صُدُورٌ، شَوقَها، ودُرُوبُ
وتَصارَعَتْ في النَّفسِ أَهواءٌ فما سَلِمَ الجَهُولُ، بِها، وتاهَ لَبِيبُ
وإِذا الفَتَى نَشَدَ الهَوَى فَبِساحِهِ هو، ما تَمادَى، كَبْشُهُ المَغلُوبُ
ما دامَ يَغنَجُ بِالغِوَى هُدْبٌ، وما تَختالُ أَعطافٌ، ويَعبَقُ طِيْبُ
سَتَظَلُّ تَطغَى، في الجَوارِحِ، رَغبَةٌ ويَهِيمُ قَلبٌ، في الهَوَى، ويَذُوبُ
فَلِمَ المَفاتِنُ، كُلُّها، وعُيُونُنا تَنصاعُ، عِندَ نِدائِها، وتُجِيبُ
طَغَتِ الهَواجِسُ، يا فُؤَادُ، ولم يَعُدْ وُسْعٌ، بِدَرْءِ سُمُومِها، وهُرُوبُ
ما حِيلَتِي وكِنانَتِي باتَت على وَشْكِ النَّفادِ، وما رَمَيتُ أَخِيبُ
وأَهِيمُ أَسأَلُ عن مَصِيرِ مَواكِبٍ يَطوِي المَسِيرُ لِواءَها، وتَغِيبُ
لا العَقلُ يُروِينِي، ولا مَنْ يَدَّعِي عِلْمَ اليَقِينِ، وأَعجَزَتهُ غُيُوبُ
أَيَبُلُّ وَعْدُ الماوَراءِ أُوارَنا ويَقِرُّ جُرْحٌ لِلهَوَىَ، ويَطِيبُ
وهلِ اكتِفاءٌ إِنْ تَفَلَّتَ طَبعُنا، نَزَقًا، فلا واقٍ له وحَسِيبُ؟!
أَمُخَيَّرٌ أَنا، أَم أَسِيرٌ، قادَنِي هذا النِّظامُ، الكامِلُ، المَحسُوبُ
وشُعَيْرَةٌ لو شِئْتُ حِفْظَ سَوادِها هَزِأَتْ، وَشَعَّ بَياضُها المَشبُوبُ!
هل إِنَّ بَعدَ ضَياعِنا في سَبْسَبٍ، قَفْرٍ، سَتَبسِمُ واحَةٌ، وطُيُوبُ
ونَعِيشُ، في رَفْلِ المُنَى، وكَأَنَّ لا كَدَرٌ، يُنَغِّصُ عَيشَنا، وذُنُوبُ؟!
أَم أَنَّ لِلإِنسانِ جُلجُلَةً، وإِنْ بَسَمَ الزَّمانُ، أَوانُها مَكتُوبُ
سَيَسِيرُ فِيها صاغِرًا… وَلَئِنْ شَدا، هو، في الخِتامِ، نَزِيلُها المَصلُوبُ
قالُوا: خَلاصُكَ، يا ابْنَ آدَمَ، لو تَعِي، هادٍ، بِإِسْمِ إِلَهِهِ، وصَليبُ
فَدَعا المُشَكِّكُ لِلعُزُوفِ وقالَ: ذا تَخدِيرُ قَومٍ، والمُرامُ مُرِيبُ
بَينَ الدُّعاءِ، وصَيحَةٍ مِن كافِرٍ، هَجَعَتْ على قَلَقِ المَصِيرِ شُعُوبُ
يا قَلبُ! هل مِنْ هَدأَةٍ، ويَشُدُّنا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، طِيبَةٌ وعُيُوبُ
وشَمائِلٌ تَسمُو، وطِينٌ ظامِىءٌ، وسَنًا يَشِعُّ، وَهَيكَلٌ مَنكُوبُ؟!
أَتَتِيهُ، في الآفاقِ، صَرخَةُ عاثِرٍ، ويَضِيعُ، في هَبِّ الرِّياحِ، نَحِيبُ؟!
رَبَّاه! نَفسِي، إِنْ هَوَتْ في زَلَّةٍ، فإِلى حَنانِكَ أَلتَجِي، وأَتُوْبُ!
يا صاحِبَيَّ! أَفِي جَرابِكُما رِوًى؟ فَالرُّوحُ صادٍ، والدُّرُوبُ لَهِيبُ
إِنْ كانَ! هَل لِتَعِلَّةٍ تُرْوَى بِها غُلَلٌ تُمِضُّ، وحُرقَةٌ، وَوَجِيْبُ؟!
هَاتَا! ولو آلًا، أَعُلُّ بِهِ ظَما ـــــــــــــــــ رُوحِي، وقد باتَ القَرارُ قَرِيبُ
وغَدا المَتاعُ مُهَلهَلًا، وعلى رُوا ــــــــــــــــ القَسَماتِ غامَ تَلَكُّؤٌ، وشُحُوبُ!
مرتبط