د. جميل الدويهي: قصائد الغربة… من الوطن إلى الغربة

 

 

لأوّل مرّة منذ تأسيس مشروع أفكار اغترابية، تصلني من الوطن لبنان، قصائد ونصوص في موضوع الغربة، فكأنّ من كتبوها عاشوا معنا، أو اشتاقوا إلينا، أو وجدوا في غربتنا وحياً وإلهاماً… وبدلاً أن نعود إلى لبنان الأصل وزمان الشوق وليالي القمر، توجهوا إلينا. وكم فرحت بهذا التطور المهم، خصوصاً أنّ أغلب ما وصلني من كتابات في هذا المعنى، كان مُحرّكه “أفكار اغترابية” وما يقدّمه هذا المشروع للثقافة والإنسانية بشكل عام.

وها أنا أقف أمام المرآة، وأسأل نفسي: هل هذا أمر غريب بعد 90 كتاباً، وربما أكثر في نهاية السنة المقبلة؟ وهل ما نشرته من جميع أنواع الأدب هو سقط متاع؟ وهل سهري وتعبي وتضحياتي المعنوية والمادية هي مغامرة مجنونة لا تسفر عن شيء؟

في نظر مَن يعرفون قيمة الكلمة، وهم كثيرون،  لا تخفى مدينة على جبل… وهؤلاء المحبّون في كلّ أصقاع الأرض، سواء واكبوني بكلمة تقدير، أو بمقالة، أو بكتاب من أجل النهضة الاغترابية الثانية، لهم أنحني، وبهم يكبر قلبي… وأطمئنّ إلى أنّ ما عملت عليه في الليالي الظلماء، سيكون له مكانة في التاريخ، وإن يكن بعض الحاضر مجحفاً ومخيّباً للآمال.

إنّ مشروعي لم يهبط في سلّة من سقف الغرفة، كما يتصوّر البعض، بل كان وراءه تعب وتشرّد واغتراب وعذاب… حتّى وصلت إلى تحقيق ظاهرة اغترابيّة، وتحوّلت سيدني إلى عاصمة للثقافة العربية، ومحط الأنظار… وقد عانيت كثيراً من أجل الكلمة التي أحبها، وأرى أنها الخلاص… وشتان بين من يحملون البنادق ويتقاتلون في الشوارع لنشر الظلام، وبين حملة الأقلام والأفكار الذين يقودون الشعوب إلى أنوار المحبّة والسلام.

شكراً للفرح الذي غمرني وأنا أقرأ ما تكتبون… وأرى كيف تحرقون المسافة بين الهنا والهناك… ليكون كلّ العالم وطناً للحبّ والجمال.

اترك رد