في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، ومعاناة الإنسان في هذا البلد التي تتفاقم وتزداد يوما بعد يوم على الصعيدين المعيشي والحياتي.
تحل الذكرى الـ ٩٩ لولادة المفكر الراحل الدكتور حسن صعب وبهذه المناسبة توجه “مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث” دعوة إلى استعادة لكل ما أرساه من قيم، ومبادىء، وما عمل لأجله على مستوى النضال لقيام دولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية، وما تركه من إرث وإنجازات في شتى الميادين والحقول من أجل إنماء الإنسان كل إنسان وكل الإنسان.
أحيت “صعب للدراسات”، ذكرى ولادة مفكر الإنماء الدكتور حسن صعب، عرفاناً له، واعترافاً بقيمته التي كانت ثورة جامحة على الباطل والظلم والاستعمار والاقطاعية والطبقية، مطالباً بالعدالة والمساواة بين جميع الناس. وبكونه أحد الأشخاص الذين دعوا، الى صناعة تاريخ جديد وإنسان جديد ودولة جديدة وروح انمائية جديدة.
وبهذه المناسبة، وجه الزميل محمد ع. درويش تحية لروح معلمه، الراحل الدكتور حسن صعب، ولأعماله ومواقفه، التي قدّمها عبر السنين الماضية، للأجيال، ولبنان الحضارة. فهو مَن علّمَ أن لبنان هو الملتقى الفريد للمسيحيّة والإسلام، وهو من نادى بـ لبنان وطنُ العقل لا وطنُ العنف، ورفع أمامَ الجميع شعاره الدائم: “إنماء الإنسان، كلِّ إنسان وكل الإنسان”.
ذكر درويش، كيف كان د.حسن صعب رجل فكر وثقافة، حارب الجهل فصرعه ونشر المعرفة، بين جيل وجيل أشرعة وعي وتيقظ وضياء. وكان أيضاً، رجلاً عقلانياً في زمن التعصب والجهل ورجل محبة في زمن الحقد والاقتتال ورجل النقاش الهادىء في زمن فرض الافكار بقوة السلاح.
لقد أدرك حسن صعب أن رجال الفكر كأصحاب الرسالات مدعوون دائماً إلى إبداء الرأي الصحيح والعمل على التغيير وقلب الموازين الوطنية والتاريخية والاجتماعية حتى لو تعرضوا للموت من أجل إبلاغ رسالتهم الصادقة. وفي ضوء فهمه لجدية الترابط بين الهوية اللبنانية والهوية العربية، أكد على أهمية التواصل الإسلامي، المسيحي في نشأة لبنان، الوطن الفريد، والوطن القدوة… المصغر الإبداعي للوحدة من التنوع، في التمدن العربي، والتحضر الإنساني.
عرض درويش، العنوان العريض الذي كان ضمن بنائه الفكري الكبير، وهو “الإسلام وتحديات العصر”. حيث حضّ اللبنانيين على “الإجماع على أن الهوية العربية، كما قال، هويتنا الذاتية الاختيارية، وعلى أن الثقافة العربية المنفتحة على باقي الثقافات الإنسانية انفتاحاً إبداعياً هي ثقافتنا الذاتية الاصيلة”. وحذر ايضاً من الخطر الصهيوني على لبنان والمنطقة العربية برمتها وعلى مستقبل العلاقات الإسلامية المسيحية التي ان أصيبت في لبنان بالذات ستنعكس آثار اصابتها في كل أنحاء العالم”.
ولقد تمنى درويش في ختام كلمته، “في هذا الظرف الفائق الصعوبة والمهدد للوطن ولمكانة لبنان الدولية ولإفراغه من خيرة قواه الحية، يجب على جميع المسؤولين والعاملين في حقل السياسة ان يضافروا قواهم من أجل إنقاذ لبنان”.
كما دعا درويش الحكومة إلى “دراسة كل المبادرات التي تهدف إلى مساعدة اللبنانيين على تجاوز معاناتهم وألا تدخل في ذلك اية اعتبارات سوى مصلحة اللبنانيين والنهوض بهذا الوطن”.
***
(*) د. حسن صعب ولد في مدينة بيروت بتاريخ ١٥-١٠-١٩٢٢.