صوتُ المغنِّي صوتُها…
يأتي إليّ مع الصباحْ
لكنّني عنها بعيدٌ
والطريقُ إلى مدينتها
يحاصرُه الجنودُ…
فكيف أطرقُ بابَها
وأنا كعصفور خريفيّ
ومكسور الجناحْ؟
____
منذ افترقنا
عشتُ منتظراً رسائلَها
ولونَ الحبر والتفّاحِ…
واستنجدتُ بالتبصيرِ…
لكنْ لم يعدْ يأتي بريدُ الصبحِ
أو يمضي إليها…
ليس لي من بعد ما ودّعتُها
غيرُ الشتاءِ
وبعض أشجار
تعرّت في الرياحْ…
وقصيدةٍ مكسورةٍ
مرّت على أبياتها خيلُ القبائل
والرماحْ.
____
والهاتفُ المهجورُ من عامٍ
يعاتبُني…
فقد بردتْ مفاصلُه…
ورقْمي ربّما شيءٌ من الماضي…
وأشواقي إليها
من رماد الذكرياتْ…
وتعطّلتْ ساعاتُ موعدِنا
ولم يبقَ صدى للأغنياتْ…
وسألت حين وجدتُ نفسي ضائعاً…
ورأيت في وجهي تجاعيدَ الحياة:
ماذا أنا غير المعاناة الطويلة
والجراحْ؟
إن المدينةَ كلّها انطفأت…
وقد ألبستُها من عتمِ أحزاني
وِشاحْ.
_____
أخبارُها انقطعتْ…
وتعرف أنّني أحببتُ جدّاً
طعمَ قهوتِها…
وأعشق لون عينيها…
وكلّ قبيلةٍ فيها
تهاجمُ بالسلاحْ…
وأعيش بعد غيابها بين الصوَرْ…
كانت هنا تحت المطرْ
كانت على الشباك تضحك
حين غازلها القمَر…
وأرى أمامي ظلّها
في كلّ ساحْ.
_________
(*) مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” – سيدني 2021