عراء الوقت

لهذا الجالس فائضٌ من الوقت.
وما اقوم به يتعدى الانتظار.

اما من يراني، عن قرب او عن بعد،
فلن يخامره شكٌ في انني قد اكون من عصاة العصور القديمة،
او ممن يشحذون في خيالهم ما لا يقوون على فعله، على الوقوف والتقدم والعراك…
فائضٌ من الوقت البطيء، المتراكم، مما يتساقط من تلقاء نفسه، مما لا أحسن تدبير  وجهة له في هذا الفراغ المقيم.
يفيض من ضجر الساكن في جلسته، فلا يجد في الهضبة، أمامه، ما يثير رغبته في إمعان النظر فيها، او في رفع الصوت في جهامتها.
يفيض، فلا حاجة له في أي أمر يستنهضني من قعودي المديد.
هذا الوقت لا اسم له، لا بوصلة له، يتهاوى مثل ورقة من شجرة خريف. يتهاوى من دون ان يبلغ مستقرا له…
لا حاجة للوقت إلى الوقت،
ولا دراية له بما يفعله في فراغ الوقت من الوقت.
وحدها العتمة الخفيفة تجعل الهامد يرتعش لحلول البرد الخفيف على اطراف كرسيه.
وحدها تحيل الوقت إلى ما يشبه تراجع اللاعبين من الخشبة إلى وراء ستارتهم…
لعلي ألامس وقتي بين أصابعي، في مقبض الكرسي، بين ما يبقيني صامتا وما يُشعل اخيلة في شَعري.
وحده الوقت لا يودعني
يُبقيني من دون انتظار،
بين ليل ونهار،
لا استمع الى طيور الحفيف،
ولا إلى اوراق هاجعة في مبيتها.
وحده الوقت،
وجها لوجه،
من دون مواجهة…
فهناك فائض مما فات الحياة عن مشاغلته او مشاغبته.
لهذا تورق وردة الوقت
في استعارة،
في خيال الساهم في هضبته،
فيما ينهض الجالس من كرسيه
إلى اول كنزة صوف في منتهى صيفه…
أفي وحشة البرد تدور عقارب لا اراها، لكنها تحيط بي من دون ان تكون معطفا؟

اترك رد