جميل الدويهي: مدينتي غريبة عنّي

أريد أن أكونَ راهباً في دفتري…

لكي أبخّرَ الحروفْ…

وكلّما صلّيتُ

تنحني السيوفْ…

***

قرأتُ قصّةً قديمةً

عن بلْدةٍ

أصابها الوباءْ

وكان فيها شاعر ٌمثلي

إذا يعيشُ

أو يموتُ

لا يفارقُ الغِناء.

***

أريد أن تكونَ لي مدينةٌ

حقولُها النخيل والزيتونْ

وكلّ مَن فيها من الرجالِ والنساءِ

عاشقون…

***

الآن في خزانتي

أيّام عمري كلُّها

وذكرياتي كلُّها

وفي فمي سؤالْ…

فهل يكونُ كلّ ما شاهدتُه

وعشتُه

ظلالْ؟

***

الحزنُ غابتي…

وقصّتي معروفةٌ…

فقد كبرتُ

في الزمان والمكانْ…

وكم ضحكتُ

عندما نظرتُ في المرآةِ

مثلَ بهلوانْ

وكم بكيتُ من سذاجتي…

فكلُّ ما عندي من الكنوزِ

دمعتانْ.

***

الناس أقفلوا أبوابَهم…

وأصبح الرماد في العيونْ

فكيف تخرجُ الذئابُ

والطاعونْ؟

وكيف مَن جاعوا إلى الرغيفِ

يسكتونْ؟

***

كتبتُ كلّ مرّةٍ

عن ثورةٍ…

وكم أردتُ أن يطيرَ طائرٌ

من سجنهِ

وأن تضيء َشمعةٌ على الخَرابْ…

لكنّني فهمتُ الآنَ

أنّ بعضَ الحبرِ

يشبهُ الترابْ.

***

مدينتي غريبةٌ عنّي

فما عرفتُها…

من بعد ما تغيّرتْ

وصار تحت الليلِ

 جسرُها الطويلْ…

وعندما تركتها

أصبحتُ أشربُ البحارَ

كلّما عطشت مرّةً…

وصارت مهنتي الرحيلْ.

***

(*) مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني 2021

اترك رد