البحرين… نموذج رائد في مواجهة كورونا

 

 

كان لاهتمام مملكة البحرين بمنظومتها الصحية المتكاملة وتطبيقها الفاعل الأثر الواضح في مواجهة كافة التداعيات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا والحد منها، ومكنها ذلك وخلال أكثر من عام ونصف العام من التعاطي مع كل مرحلة من مراحل التعامل مع الفيروس، حيث استطاعت المملكة تقديم نموذجٍ رائد لكثير من الدول حتى المتقدمة منها في حسن توظيف مواردها ومجابهة الطوارئ الصحية، واستجابت استراتيجيتها الصحية العامة مبكرا وبثقة لخدمات الرعاية والعلاج المطلوبة، ووصلت بنسبة تطعيماتها لنحو 70 % من سكانها، واستمرت بفاعلية وإلى الآن في عمليات توفير وتأمين التغطية الصحية الشاملة.

وحظي هذا النجاح الوطني في تطبيق الاستراتيجية الصحية والإجراءات الاحترازية الشاملة والمناسبة بتقدير إقليمي ودولي كبير، لا سيما مع إعلان منظمة الصحة العالمية العاصمة البحرينية المنامة مدينة صحية عام 2021 كأول عاصمة في الشرق الأوسط تحظى بهذا التكريم، إلى افتتاح مكتبها الإقليمي رقم 152 على أرض المملكة بحضور رئيس المنظمة الأممية ونخبة من كبار المسؤولين والمختصين.

وجسد هذا التقدير حقيقة الجهود التي بذلتها المملكة للاستجابة للجائحة، فإضافة للتعاون الذي أبدته مع المجتمع الدولي بمنظماته ودوله للحد من تداعيات الجائحة، وشمولية التدابير الصحية المتخذة للتصدي للفيروس، فقد وازنت البحرين بين إجراءات السلامة ومختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية،

وواصلت توفير خدمات العلاج والرعاية وتقديمها بالمجان للجميع. كما استطاعت بقراراتها الصادرة عن الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد-19) من خلال العمل على وضع الخطط والمبادرات الساعية للحد من انتشار الفيروس ومواصلة تعزيز مناعة الأفراد المكتسبة وضمان الحفاظ على سلامة الناس وحمايتهم من خلال الحملة الوطنية للتطعيم، والحث على أخذ الجرعات المنشطة للفئات العمرية الأكثر عرضة للاصابة أو عبر تطعيم الفئة العمرية 12 إلى 17 عاما، بما يسهم في تكوين المناعة المجتمعية، على أمل القضاء على الفيروس نهائيا من قبيل بدء تطبيق إلزامية الفحص الدوري للعاملين في المحال ذات العلاقة بالصحة كل عامين أول أغسطس 2021.

إن مثل هذه الإجراءات وغيرها جاءت ضمن استراتيجية صحية متكاملة استهدفت صحة وسلامة الجميع، ومنها ضرورة التزام الجميع بكافة الإجراءات وفق آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا (الأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر)، والتي حددت وصنفت القطاعات المفتوحة وطبيعة وشكل السلوك الواجب تبنيه من جانب الأفراد والمؤسسات بحسب الحالات والفحوصات.

علاوة على البدء في تطبيق نظام شامل للتأمين الصحي “صحتي” الذي ستتحول بموجبه الجهات التنفيذية المعنية من مقدم للخدمات الصحية العلاجية إلى منظم ومراقب ومقيّم لها بحسب وزيرة الصحة، التي لفتت إلى جملة السياسات والتطورات التي تشهدها المنظومة الصحية البحرينية، وبخاصة خلال العامين الأخيرين، وعززت من موقعها في صدارة الدول التي جابهت تداعيات الجائحة بشتى جوانبها.

ومع توالي نجاحات التجربة الصحية الوطنية في مواجهة الجائحة، جاء الأمر الملكي السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مطلع شهر أغسطس الجاري باستحداث “وسام الأمير سلمان بن حمد للاستحقاق الطبي”، وذلك للتعبير عن تقدير جلالته للجهود الوطنية في التصدي للجائحة، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.

وكان على رأس هذه التطورات رفع مستوى أداء وتحديث مختبرات الصحة العامة، سيما بعد حصول مختبر الصحة المركزي على شهادة الاعتراف لفحوصات الإنفلونزا والحصبة، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية صحية شاملة من خلال مشروع مركز الجينوم الوطني لحصر ومعالجة الأمراض، والبدء في تنفيذ مشروع مركز أبحاث “فينا خير” للأمراض المعدية بقيمة مبدئية 3.5 مليون دينار، وإعداد وتدريب واستقطاب الكوادر التمريضية والطبية الوطنية لتلبية احتياجات البلاد المستقبلية. وهو ما يضاف بالتأكيد إلى مكافحة الأمراض غير السارية إثر نجاح المسح الصحي الوطني 2018، والتخلص من كثير من الأمراض كالحصبة والحصبة الألمانية والملاريا وشلل الأطفال مع شمول المجتمع بفئاته المختلفة بخطط التطعيمات، إذ تعد البحرين واحدة من أبرز الدول التي تشهد معدلات مرتفعة من التغطية بالتطعيمات سواء للأطفال أو لكبار السن أو الحوامل والمرضعات، وهو ما يعطي للبحرين أسبقية في مجالات التغطية الصحية الشاملة، وبما يتوافق مع أهداف التنمية الصحية المستدامة.

اترك رد