لا تَقُلْ جازَتْ بِيَ الدُّنيا ومالْ قَمَرُ المَشرِقِ في صَفْوِ الجَمالْ
وغَزا الوَجهَ غُضُونٌ رَحبَةٌ، ومَرايا النُّورِ أَخفَتها الظِّلالْ
قد يَطِيبُ العُمرُ في تِشرِينِهِ، مِثلَما العُنقُودُ في جَفْنِ الدَّوالْ
أَو كَما الخَمرَةُ راقَت أَرَجًا بَعدَ دَهْرٍ، في خَوابِي الدَّيرِ، طالْ
فاحضُنِ القَلبَ فَفِي تَحنانِهِ مِن نَجاوَى دافِئِ الوَجْدِ غِلالْ
وتَذَكَّرْ فائِتَ الأَيَّامِ في لَهفَةِ التَّوقِ إِلى عَهْدِ الغَوالْ
فَإِذا كانَ رَحِيلُ المَرءِ مِن بَدَهِ(1) الأَقدارِ، لا تَعْصِ الزَّوالْ
قد يَكُونُ البُرْءُ، مِمَّا أَنزَلَت مِحْنَةُ الأَرزاءِ، مِن طِيْبِ النَّوالْ
وسِنُوُّ العُمرِ مِن وَفْرِ الضَّنَى، قد تَزِيدُ المَرءَ وَهْنًا وكَلالْ
فَعِشِ التَّذكارَ، في طَيَّاتِهِ حِقْبَةٌ صَبْحَى(2) مع الحُبِّ الزُّلالْ
فَمَعَ الذِّكرَى رَحِيلٌ هانِئٌ لِمَوانٍ مِن هُيامٍ وَوِصالْ
ذَخَرَت في النَّفسِ وُدًّا غامِرًا، فِيهِ مِ الآهاتِ دِفْءٌ وَسُؤَالْ
يا لَيالِي الوَصْلِ زِيدِينا غِوًى وجَوًى، لَو كانَ مِن مَحْضِ الخَيالْ
فَبِنا شَوقٌ إِلى تِلكَ الحِمَى، وبِنا جُوْعٌ إِلى ذاكَ الدَّلالْ!
***
(1): بَدْه: مَصدَرُ بَدَهَ / بَدَهَ الشَّخصَ بِالأَمرِ: فاجَأَهُ بِهِ، بَدَأَهُ بِهِ، استَقبَلَهُ بِهِ مُفاجَأَةً
(2): صَبْحَى: جَمِيلَة / جَدِيدَة