مريم رعيدي الدويهي تكتب عن مهرجان الأدب الراقي الخامس في سيدني: نبض الرهبة

   

 

ليست المرة الأولى التي أقف فيها على مسرح الدويهي، وفي مهرجاناته الحاشدة. فكم مرّة ألقيت من قصائده، ومن نثره الفكريّ المحلّق، وكم قرأت من أعمالي… وكم رفلتْ تلك الليالي بالحرير والأرجوان، وسطعتْ فيها أنوار الجمال، واحتفلت الجالية، هنا في هذا المقلب من الأرض، وراء البحار الشاسعة… بأدب من الشرق، راق، ورفيع،  ومختلف!… فجميل منذ صغره يحبّ التحليق عالياً، وفي روحه شوق وتوق إلى المغامرة، ويهوى الإبحار في ما يشبه المستحيل، ويعلن عن مفاجآت لا يفكّر بها كثيرون.

أربعة وعشرون كتاباً دفعة واحدة. ليس هذا أمراً مألوفاً، ولا عاديّاً، ولا مسبوقاً. والحجّة والبرهان حاضران، وسيرى أبناء الجالية في أستراليا كيف ستُعرض الكتب، وسيحمل كلّ ضيف أربعة منها، كهدايا مجانيّة، فقط من أجل نهضة أدبيّة اغترابيّة، ومن أجل التأكيد على العمل الجادّ والصادق الذي وراءه تضحيات جسام… وكرمى لعين الأدب والثقافة.

لا أبسّط الأمور، ولا أعمي عن الحقيقة، ولا أصوّر الأمر كأنّه من البديهيات… ولي في المهرجان خمسة كتب، هي “إضاءات على فكر جميل الدويهي”، و”فكر جميل الدويهي ومدينة القيَم الخالدة”، و”عالجسر العتيق ما لقينا مطارحنا”، “… وبعدك بتسأل عنّا يا شجر الغْياب”، و”بنفسج ناطر تا ترجع الضحكه”. وهي جميعاً من منشورات “أفكار اغترابيّة”. ولولا المشروع الدويهيّ، لما رأت تلك الأعمال قبساً من النور، بل ظلّت مخبوءة في جوارير العتمة والنسيان… وأقدّم هذه الكتب إلى جانب الأمير الجميل، وكلّنا سعادة في أنّ الناس سيكونون في فرح معنا، وسيحملون معهم إلى منازلهم صفحات مشرقة، هي في الحقيقة ساعات طويلة من التعب والسهر، والكفاح الإنسانيّ النادر.

أشعر بنبض الرهبة، لكن ما يخفّف عنّي أنّ الجميل معي، وقريب منّي… وكلّ نبض معه يتحوّل إلى معزوفة رقيقة، وغناء من جوقة شحارير… على جبال إهدن الشامخة.

اترك رد