جبل الزيتون في القدس قبل حرب 1948

 

 

يضفي جبل الزيتون هيبة على المدينة المقدسة قبل حرب 1948 حيث بدت الجمالية المعمارية المتأثرة بالطراز الشرقي، وذلك قبل نشوب الصراع بين إسرائيل والدول العربية في 14 أيار عام 1948، كما يبدو في صورة بصرية تؤكد على تطوّر الوعي الفوتوغرافي بالتراث المؤكد على وجود ثروات فنية وعمرانية تهم علم الآثار، لحقبة توضح القيمة الجمالية لجبل الزيتون ضمن التصوير الفوتوغرافي وأهميته الوثائقية المؤرشفة بصريا لتاريخ يشجعنا على طرح العديد من الأسئلة عن أمكنة من القرون السابقة قبل أن تشهد مدينة القدس تغييرات عديدة حيث تعتبر مدينة القدس رمزاً للديانات التوحيدية حيث تطوّرت عمرانيا، ولعبت دوراً أثرياً خضع لرؤية تنموية عمرانية نتج عنها كنيسة القديسة ماري مادلين التي أقامها القيصر الكسندر الثالث على جبل الزيتون عام 1885.

فهل تهدف الصورة الى حفظ التراث الأثري القديم القائم على جبل الزيتون حيث النساء الفلسطينيات يظهرن باثوابهن أيضاً؟ أم أن هذه الصورة هي آداة لحفظ التراث بديناميكية تصويرية قديمة تثير قضية التوثيق البصري المستند على قوة العلاقة بين التراث والصورة الفوتوغرافية الشاهدة على العصر؟

من بنك الصور من مجموعة متحف فرحات

 

أثبت التصوير الفوتوغرافي فعاليته كأداة جمالية تساعدنا على معرفة الماضي والحاضر، أو الأحرى دراسة العالم المعاصر دراسة منهجية فوتوغرافية تستند على التصوير وشفافيته في حفظ قيمة الأمكنة التي طرأ عليها تغييرات زمنية، مما يسمح للعودة بصريا إلى الزمن الذي تم التقاط الصورة فيه بعيداً عن التحسينات الفنية او المراجع الفوتوغرافية التاريخية الذي اعتمد عليها الأجداد أيضا في حفظ تراثيات العالم. فهل من ارث معاصر لجبل الزيتون ومخزونه الجمالي القائم على تاريخه الشرقي الذي ميّزه في العصور السابقة ضمن هذه الصورة ومعانيها لجبل بسط ذراعيه للتآخي الديني، ولقوة شعب عاش زخم وجوده في فترة ألماسية شاهدة على ارث يمتد لماضٍ احتفظت فيه الصورة الفوتوغرافية بأشكالها التعبيرية المختلفة بدءاً من عام 1839 حتى الآن؟ أم إن البُعد البصري لصورة جبل الزيتون وما هو قائم عليه من تراث عمراني يشكّل قيمة للتقدّم الزمني لأمكنة تعود لتاريخ حافل بالتطورات العمرانية التي احتفظت بهويتها القديمة قبل الاحتلال الإسرائيلي.

 

تؤكد الصورة على دقة التنسيقات العمرانية وضخامتها من حيث العلو والحجم، والتقارب الموضوعي بين الأماكن المقدسة ومكانة جبل الزيتون الذي يضم هذه الثروة العمرانية وعظمتها، وبأناقة رمزية تؤرّخ لمرحلة من الماضي الشاهد على حضارة لم تكن النساء فيها قابعة بين الجدران، بل يمارسن بحرية أشغالهن اليومية متجهات نحو نبع أو نحو الجبل أو حتى نحو بيوتهن، ولكن ضمن التعبيرات عند التقاط الصورة المفتوحة على مساحات ضوئية تتضح من خلالها الكثير من التفاصيل، وبتوثيق فوتوغرافي للتراث المعماري على جبل الزيتون قبل حرب 1948 وهو جزء من تاريخ فلسطين الحقيقي، الغني بالتراث الشرقي، بتكوين بصري يجمع بين الهندسة المعمارية ونشأة تاريخ العمارة في القدس، حيث المعالم الأثرية مصحوبة بسرد تاريخي يميل إلى واقع مضى، لكنه ممتد حتى الآن، بمخزون فوتوغرافي ذي معايير جمالية ذات صياغة تخضع للتلقائية الفنية بعيداً عن الأرشفة التي أصبحت فيما بعد بمفهومها التراثي تقنية حافظت على المناظر الطبيعية المرافقة لهوية المكان، والخطاب البصري المستقل عن الأهداف الأرشيفية الحالية وعلميتها في تحديد الهوية، والتي تؤكد على وثائقية الصورة البحتة، مما يسلّط الضوء عليها تاريخيا لانعكاسها التوثيقي الذي يؤكد على زمانها ومكانها، وهي جبل الزيتون في القدس قبل حرب 1948.

dohamol@hotmail.com

***

 

(*) اللواء-23 شباط 2021

اترك رد