دَوالِي تِشرِين!
طالَ عن دِفْءِ الصَّباباتِ جَفائِي، وَخَلَت مِنْ صَبْوَةِ الحُسنِ سَمائِي
وبَدا الأُفْقُ كَئِيبًا شاحِبًا، فَتَلَفَّعْتُ بِزُهدِي، وانكِفائِي
وبَدَوتِ! فَأَنا في حَيرَةٍ، هل يَعُودُ النَّجمُ يَسرِي في مَسائِي؟!
هل يُعِيدُ الأَخضَرُ النَّاعِسُ، في تَيْنِكَ العَينَينِ، أَلوانَ الرَّجاءِ؟!
هل أَنا في وَهدَةِ الحُلمِ… وهل أَنا في دُوَّامَةِ الوَهمِ المُرائِي؟!
بِكِ مِنْ إِطلالةِ البَدرِ، ومِن نَكهَةِ الخَمرِ، ومِن سِحرِ الضِّياءِ
ومِنَ الأَطيابِ فاحَت فِي الرُّبَى، ومِنَ الأَسمارِ في عَصفِ الشِّتاءِ
ومِنَ الأَحلامِ في أَلحاظِ مَنْ شَفَّهُ الوَجْدُ، وأَضناهُ التَّنائِي
تَحضُنِينَ الفَجرَ في جَفنَيكِ؟ ـــــــــــ والَهَفِي! لو يَمسَحِ الفَجرُ عَنائِي
لو تَعُودُ المُقلَةُ الوَلهَى إِلى خَدَرِ النَّجوَى، وأَطيافِ الهَناءِ
مُذْ تَناغَمتِ مع القَلبِ انثَنَى، يَملَأُ اللَّيلَ نَداواتٍ، غِنائِي
ويَهُبُّ الشَّوقُ مِن هَجعَتِهِ وَتَرًا يَغزِلُ أَنغامَ الحُداءِ
فَكَأَنْ غاصَ بِأَهدابِيَ، مِنْ هُدْبِكِ الأَكحَلِ، طَيْفٌ في خَفاءِ
باهِرُ الوَمْضِ كَبَرقٍ خاطِفٍ، لاهِبُ الوَقْعِ كَسَيفٍ في مَضاءِ
أَنا يا حَسناءُ أَوهانِي غَدَت لاهِثاتٍ، في مَدَى الدَّربِ، وَرائِي
بَعدَ أَنْ ناغَى خَيالِي مِنكِ ما عَجِزَتَ عَنهُ مَساحِيقُ النِّساءِ
يا بَهاءً أَشعَلَ القَلبَ، ويا خاطِرًا لِلشِّعْرِ، مِن رَحْبِ العَلاءِ
لا تَخافِي الأَبيَضَ المُنسَلَّ في هامَتِي الكَسلَى… فَما طالَ دِمائِي!
تَحتَ ثَلجِ الجَبَلِ الأَمرَدِ قد يَهجَعُ البُركانُ، مَحمُومَ الثَّواءِ
حَدِّقِي! هَلَّا تَرَينَ الخَيلَ، في حَمحَماتِ الشَّوقِ، تَنزُو في رِدائِي
أَنا دِفْءُ الصَّدرِ، أَحياهُ الهَوَى، ورَفِيفُ العِشقِ، وَردِيُّ الرُّواءِ
أَنا مِن خَمْرٍ، إِذا شابَ، بِها، عابِرُ الأَيَّامِ، طابَت في الإِناءِ
فَاطْغَ يا دَهْرُ… فَلَن تَبلُغَ مِنْ عِتقِها النَّامِي بِأَعماقِ الخِباءِ!
***
هاتِي لِي سِحْرًا، أَقُمْ مِنْ هَجعَتِي كانبِلاجِ الفَجرِ، فِضِّيِّ السَّناءِ
وانفُضِي غَفلَةَ إِلهامٍ دَهَى، بِتَوَرِّيهِ، يَراعِي، وإِبائِي
قد تَطِيبُ الكأَسُ… لكِنْ رُوحُها لا تَحُمُّ الرُّوْحَ إِلَّا في اللِّقاءِ
رُبَّ أَكمامٍ عَلَت أَطيابُها مِنْ هَشِيمِ الشَّوْكِ! فاستَجلِي نِدائِي!
مرتبط