جميل الدويهي: مَن هو المقْتول؟

Music: Bernhard Romberg, Flute Quintet in G minor

Public Domain – Wiki Soundslist

يقول لي المحقّقُ العدليُّ:

“مَن هوَ المقتولْ؟”

وما يهمّني فقطْ

أن أعرفَ المسؤولْ

عن الجريمةِ الكبرى

التي تدوّخُ العقولْ…

فليس ممكناً…

ولا من المعقولْ

أن نُدمنَ الحشيشَ كلّنا

وأن نكونَ كلّنا سُطول.

***

يريدني المحقّق العدليّ

أن أكذّبَ الشهودَ كلّهم

فليس من رصاصةٍ

في جثّة القتيلْ…

وربّما يكونُ قد قضى

بذبحةٍ قلبيّةٍ

أو ربّما الطاعونُ

قد أصاب جسمَه النَّحِيل…

وكلّ مَن تعرّضوا للقتلِ

في تاريخِنا الطويلْ

قد أطلقوا النارَ على صدورهم

وليس في إضبارةِ التحقيقِ

أيّ تهمةٍ…

وليس من دليلْ…

وإنّ مَن يبكي على ضحيّةٍ

عَمِيل.

***

أبوابُنا تضرّجتْ

في الصيف والشتاءْ…

وكلّ شارعٍ هنا عنوانُه الدماءْ…

تهدّمت بيروتُ في دقيقةٍ

وطارت البيوتُ في الهواءْ…

وأصبحت سماؤنا

لا تشبه السماءْ

وطافت الأنهار من بكائنا…

ولا تمرّ لحظةٌ

إلاّ وفي عيونِنا بكاءْ…

ويرفضُ المحقّقونَ أن يحقّقوا

لأنّ كلّ مجرمٍ له قبيلةٌ…

وكلّ سارقٍ وراءَه تزغردُ النساءْ.

***

يضيّعون وقتَنا الثمينَ ألفَ مرّةٍ

ونحن متعَبونْ…

ويسألوننا عمّا رأينا

من مشاهد الجنون…

وبين فَينة وفينة يدخّنونْ…

ويدخلونَ غرفة التحقيقِ

ثمّ يخرجون…

ويخبروننا بأنّنا إليهِ راجعون…

فكيف يعرفونَ أيَّ شيءٍ

قبلَ أن يكونْ…

لكنّهم عن الجُناةِ وحدَهم

لا شيءَ يعرفونْ؟

***

يسألني المحقّق العدليّ:

مَن هو المقتولْ؟

أقولُ: إنّه أبي…

وكان عائداً من الحقولْ…

فأطلقوا رصاصةً في رأسهِ

وظلّ ساعةً

أو ساعتين في الوحولْ…

وإنّني أخاف

أن تسجّلوا بأنّه قد مات

عندما غزا بلادَنا المغول

أو أن تقولوا إنّني قتلتُه…

وأن تكافئوا قاتلَه المجهولْ.

***

(*) مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني 2021

اترك رد