التجدّد الفني الرمزي ونغماته التاريخية في أعمال الفنانة بثينة ملحم

 

 

تكشف أعمال الفنانة “بثينة ملحم” (Bouthaina mulhem ) عن رمزية القميص الفلسطيني، وتراثية التقاليد الفنية الغنية بترجمات بصرية تهدف إلى إختزال المعاناة الفلسطينية برؤية توجتها بفلسفات محسوسة بصريا، وبتنوع اسلوبي تتكيف معه جوهريا المفاهيم التعددية، لتقريب مفهوم التعايش الواحد المتمسك بالعادات والتقاليد الفنية التي لا تضاهى بين داخل وخارج، وبين اندثار وبقاء للحفاظ على استمرارية تمثل نظرة فنية غير قابلة للمحو أو للإزالة، وبموضوعية الفن اليدوي، وبعقلانية لا تقتصر فقط على ماديات العمل الفني بل على تأملاته العميقة التي تسمح بالربط بين التراث اليدوي والفن عن طريق التبسيط المفاهيمي، وبتكيثف رمزي هو اختصارات للواقع التاريخي الذي يمنح البصر حدساً تشكيلياً لطبيعة الأشكال الفنية وحيويتها المرئية الثرية بتكوينها اللمسي، ضمن صفات ومقاييس تشكل نوعاً من الايقاعات الحسابية الدقيقة في عناصرها الملموسة التي تشير إلى أمكنة من خلال الشكل الفني المعقول ضمنياً ، التي لا تقتصر على القميص فقط بل على نوعية زركشاته، وبتكافؤ تفصيلي من حيث الخيوط وتقاربها مع الخطوط ( النقطة، الخط، المستوى، اللون، الحجم ) ومن منظور يتكيف مع الأزمنة بمعنى التجدّد الفني الرمزي ونغماته التاريخية من حيث التراث وقوة التمسك بالثوب الفلسطيني تحديداً الذي يعتمد على الحقائق الفلسطينية وقوة التطريز اليدوي، وإنما بفن ترميزي بعيداً عن الاستنساخ لواقع القميص وتطوراته والتزاماته بالرؤية التقليدية، ومنهجية الصيغة الرمزية التي تكشف عن حقيقة تشير إلى وجود الواقع الممتد من خلال قميص متمسك بالمفهوم الوطني وقوة العمق الميتافيزيقي للأشياء.

الفنانة بثينة ملحم

 

تهيمن القوة البصرية على المعنى الرمزي في أعمال الفنانة بثينة ملحم ، وأساسية الفن المتناسب مع الترابط الشكلي، وضمن المحاكاة التناظرية والمفهوم الفني الحر المؤدي إلى التلقائية في استخراج الشكل وروحانية الوجود المتمثل بالقميص، وأسلوب رموزه أو شفراته، وضمن المعايير الجوهرية لفن التطريز التقليدي والمستحدث في هذا الفن المعتمد على الخيوط واشكالها، واتجاهاتها وحتى قدرتها في التقريب بين الفن اليدوي والفن التشكيلي ومفاهيمة الأعمال المرتبطة برمزيات بصرية هي جزء من معاناة الشعب المتمسك بتقاليده الوجودية، وضمن الخرائط الحياتية القديمة التي كانت وما زالت مرتبطة بالذاكرة وعلامات البقاء بعد صراعات التجدد والشحن النفسي لإبرة هي دليل رمزي لبقاء التراث الفلسطيني مفتوحاً وطنياً كدليل لوجود فلسطيني لا يموت .

من مجموعة متحف فرحات

 

تمزيق وتركيب وتشظين وإعادة تحويل وبناء كالوطن بعد الاحتلال، وإعادته الى الخارطة المكانية المتبقية في تراث تعيده بثينة ملحم كهوية فلسطينية لقرى ومدن هي مزيج من جماليات قديمة مسرودة بخامات ارتبطت يدويا بالجدات والالفة بينهن، وبين الابرة والخيط والفن الحافل بتراثيات هي جماليات لأجيال تحيا إنسانياً في ذاكرة الجيل الجديد المحمل بالقيم والعادات التقليدية، والتراثية لشعب قادر على حياكة الحقائقن ونشرها على مساحات جمالية تعيد لنا قوة البقاء بعيداً عن الاحلام. وضمن الجغرافيا المتمثلة بالقميص ومعناه ومساحته، والحنين الدائم لتطريز الجدات الفلسطينيات ولغتهن في كل قرية مع الاحتفاظ بالتغيرات ما بين الماضي والحاضر والتفاعل الفني الراسخ في الحنين الى العودة . فهل الانفعالات الحسية في أعمال الفنانة” بثينة ملحم ” هي ملحمة تراثية منسوجة بخيوط المقاومة الفنية؟

من مجموعة متحف فرحات

 

متعة فنية في تطريز تقليدي تحليلي في نظرته المستمدة من قوة البقاء، رغم التمزيق الرمزي الذي يتغذى في أعمال” بثينة ملحم” من الخيط الواحد، واصالته في الامتداد الجغرافي على مساحات هي مساحة القميص الواحد ومعناه الرمزي الذي يثري بصرياً وجمالياً جوهرية الموضوع ومرجعيته في التمثيل الرمزي لكينونة فلسطينية تضعنا أمام ذاكرة شعب مثقل بالحكايا التي تمثل الوطن وتؤكد على قوة التمسك فيه . فهل من علاقة بين الرمز والمعنى في الأعمال الفنية بشكل عام ؟

من مجموعة متحف فرحات

 

من مجموعة متحف فرحات

اترك رد