تُسائِلُنِي العَشايا!
تُسائِلُنِي العَشايا عن شَذاكِ، وَعِطرُ اللَّيلِ فَوْحٌ مِن بَهاكِ،
وَنَوْرُ الأُمسِياتِ بَدا كَئِيبًا، وكانَ يَعُبُّ ضَوعًا مِن سُراكِ
أَتَيتُ إِلى الزُّهُورِ، على يَقِينٍ، بِأَنَّ الزَّهرَ، في وَلَهٍ، حَمَاكِ
لَمَستُ الوَردَ، يَحدُونِي اخضِلالٌ، على أَوراقِهِ، لِنَدَى رُواكِ
فَخِلتُ كَأَنَّ نَشْرَكِ، فيه، طاغٍ وحُمرَتَهُ اصطِباغٌ مِن دِماكِ
وَأَنَّ مِنَ النَّداوَةِ، فَوقَ كَفِّي، صِبايَ يَعُودُ يَنعَمُ في صِباكِ!
***
وأَيّامٌ خَوالٍ طابَ لي أَنْ أَعُودَ إِلى لِقاها، في لِقَاكِ،
وأَنشُدَ ما اكتَوَيتُ بِهِ زَمانًا، وما فَتَّ الجَوارِحَ مِنْ هَوَاكِ
فَواعَجَبًا لِقَلبِي كيف يَسعَى، كَواحِدَةِ الفَراشِ، إِلى الهَلاكِ!
لَكَم أَغرَيتُهُ بِنَعِيم هَجْرٍ، يُلَطِّفُ مِنْ جَواهُ، وَمِنِ جَفاكِ
وكم ناشَدتُهُ رِفقًا بِصَبٍّ بَدا، عِندَ النَّفِيرِ، بِلا حَراكِ
وَمِلتُ إِليهِ، أَستَجدِيهِ لُطفًا بِمَن سَفَحَ النَّضارَةَ، في جَواكِ
وكم رُمْتُ الهَناءَةَ عِندَ كَأْسٍ، وأَوتارٍ، وأَقمارٍ، سِواكِ
وَصَحْبٍ يَمرَحُونَ، على تَساقٍ، وسُمَّارٍ، ولَيلٍ، وانتِهاكِ،
وكم نِلتُ اللَّذاذَةَ مِن حِسانٍ، يُجَرِّعنَ الوَدادَ، بِلا ارتِباكِ
فَيَأبَى القَلبُ إِلَّاكِ أَلِيفًا، ويَرخُصُ، عِندَهُ، الأَغلَى، فِداكِ
ويَقبَلُ، عن نَعِيمٍ، لستِ مِنهُ، عَذابَ الرُّوحِ، تَشقَى في لَظاكِ
وهل يَرضَى انبِساطَ السَّفحِ، صَبٌّ، رَأَى سِحْرَ الأَعالِي، في ذُراكِ؟!
***
ذَكَرتُكِ! والتَّذَكُّرُ مِنْ لِقاءٍ عَصَى، فَأَقامَهُ الذِّهْنُ المُحاكِي،
فَأَنتِ بِخاطِرِي حُلْمٌ، وَرُؤْيا، ولو واراكِ، عَن عَينِي، خِباكِ
ذَكَرتُكِ! كَيفَ كُنَّا، ذاتَ حُبٍّ، كَعُصفُورَينِ، نَرقُصُ في الأَراكِ
تَشُفِّينَ الهَوَى، مِنِّي، رَقِيقًا، وأَروِي غُلَّ صَدرِي مِن شَذاكِ
تَرَشَّفنا الصَّبابَةَ، في هُيامٍ، فما كانت رُؤَايَ سِوى رُؤَاكِ
فَيا أُعجُوبَةَ النِّسرِينِ قُولِي، بِرَبِّكِ، عن هَوانا، ما غَواكِ!
أَلَمْ أَكُ، عِندَكِ، الدُّنيا، كما قد، أَوَت، لِدَفِيءِ أَضلاعِي، مُناكِ؟!
فَكُفِّي، لو عَدَلتِ، عن التَّجَنِّي، كَفاكِ الضَّنُّ بِالأَوْفَى، كَفاكِ
هَوايَ، وضَوْعَ أَحلامِي، وحُبِّي، شَجانِي البُعدُ. هل، مِثلِي، شَجاكِ؟!
طَوَيتُ طَراءَةَ الأَيَّامِ، شَوقًا، أَرَاكِ، في الخَيالُ، ولا أَراكِ
أَما تَدرِينَ، والعُمرُ ارتِحالٌ، إِلى أَيِّ العَواقِبِ وَجنَتاكِ؟!
وأُملُودٌ لَوَيتِ، على دَلالٍ، لَآتٍ، لِليَباسِ، وقد لَواكِ
وَتَفتُرُ بَسمَةٌ، ويَمُوتُ وَجْدٌ، ويَرحَلُ ما غَذا، بِالنَّارِ، فَاكِ
وما كانَت حُقُولًا، مِن وُرُودٍ، أَتُصبِحُ كالهَشِيمِ على ثَراكِ؟!
سَلامٌ لِلَّيالِي، يَومَ كُنَّا، إذا عَيَّ اللِّسانُ، الطَّرْفُ حاكِ
فَإِنْ خِفْنَا افتِضاحَ اللَّحظِ بِتْنَا كَقُبَّرَتَينِ، في أَسْرِ الشِّباكِ!
يُنادِينِي الحَنِينُ، لِحَيثُ كُنَّا، فَهَل لِي أَنْ يُؤَازِرَهُ نِدَاكِ؟!
***
دَعانِي، صَوْبَكِ، الماضِي، طَوِيلًا… فَهَلْ، لِهَناءَةِ الذِكرَى، دَعاكِ؟!
دَعانِي لِلخَمائِلِ، حَيثُ كُنَّا، وحَيثُ مَزارُنا خاوٍ، وشاكِ
أَلَم يَكُ ما جَنَيتِ رَفِيفَ شِعْرِي؟! نِعِمَّاكِ… لِما قَطَفَتْ يَداكِ
وقافِيَتِي، الرَّهِيفَةُ، هل تُراها سِوَى وَحْيٍ تَسَلسَلَ مِنْ سَماكِ؟!
أَلَمْ يَكُ حُلْمُكِ، الهَفَّافُ، حُلْمِي، وَصَفْوُ دُنايَ صَفْوًا في دُناكِ؟!
أَلَمْ يَكُ عَرْفُنا نَدًّا، بَخُورًا، وَهَمْسُ صَلاتِنا بَوْحَ المَلاكِ؟!
أَلَمْ يَكُ حُبُّنا لِلحُبِّ ذُخْرًا؟! أَيُجدِي، إِنْ أَضَعناهُ، التَّباكِي؟!
فَعُودِي! قد يَعُودُ لَنا التَّصافِي، وَنَرجِعُ لِلجَنَى، والعُمرُ زَاكِ،
وَتَرجِعُ رَفَّةُ الأَهْدابِ، نَشْوَى، تَحُطُّ بِنا على عالِي السِّمَاكِ
لَقَد وَلَّى الزَّمانُ… فَهَل رُجُوعٌ، لِماضِي الزَّهرِ، ضَيَّعَهُ التَّشاكِي؟!
وهل ما كانَ، مِنْ خَلَواتِ عِشقٍ، يَعُودُ يَهِلُّ، غُرًّا، مِنْ سَناكِ؟!
أَلا يَكفِي ضَياعُ العَهْدِ حَتَّى لَنَرفِدَهُ بِأَيَّامٍ بَواكِ؟!
***
دَهانِي نَأْيُكِ القاسِي؛ تُرَى هل غِيابِي، عَن دُرُوبِكِ، قد دَهاكِ؟!
أَنا الجَذلانُ، إِنْ قَرَّيتِ عَينًا، أَنا أَشقَى الوَرَى، وبَهاكِ باكِ
سَلِي خَفَقاتِ قَلبِكِ هل بَرانِي الهُيامُ، على الفِراقِ، وما بَراكِ!
سَلِي أَرَقَ اللَّيالِي هل سُهادٌ، سوى مِنْ طَيفِ هَيْمانٍ غَشاكِ!
سَماحَكِ! لَمْ يَعُدْ في الصَّدْرِ صَبْرٌ وكانَ، إِذا تَمادَيتِ، احتَواكِ
وأَخشَى أَنْ يَمُوتَ الوُدُّ، صَدًّا، وكان، إِذا حَدا رُوحِي، غَزاكِ
فَهَيَّا نَقطِفِ الباقِي؛ غَلَوْنا بِتَمزِيْقِ السَّعادَةِ، بِالعِراكِ
رَجائِي باتَ أَنْ نَطوِي التَّجافِي، حَنانَكِ! بَعْدَ سُؤْلِي، ما رَجاكِ؟!
تَعالَيْ، لِلإِيابِ، فلا قَرارٌ، بُعَيْدَ اليَومِ، إِلَّا في حِماكِ،
فَما الآتِي بِمَأمُونٍ؛ هَلُمِّي… كَفانا ما ضَلَلنا؛ يا رَعاكِ!
مرتبط