وَجْنَةٌ، هَذِي، أَمِ الوَردُ القَشِيبُ، أَم وِشاحٌ مِن سَنا الفَجرِ، وطِيْبُ؟!
وبِها النِّسرِينُ يَزهُو فائِرًا ويَتِيهُ النَّرجِسُ، الغَضُّ، الرَّطِيبُ
يا نَدًى، فَوقَ أَقاحٍ مُشرِقٍ، هل بَوارٌ بَعدُ، أَو رُكْنٌ جَدِيْبُ؟!
مِهرَجانَ الضَّوْعِ! لا ماتَ الشَّذا مَنهَلًا يَنشُدُهُ القَلبُ التَّعُوبُ
أَنا! ما لَوَّحَ بِالوَجْدِ الصِّبَا، سالَ مِن غَزَّارَتِي البَوْحُ النَّسِيبُ
فَغَدا الطِّرْسُ رُبًى فَوَّاحَةً بِها وَشْيُ اللهِ، والبَدْعُ العَجِيبُ
هو نَوْرُ الرُّوحِ، أَنداهُ الهَوَى، وبِذارُ الوَجْدِ، يَنمُو، ويَطِيبُ
يا إِلَهَ الحُسْنِ… هل لِلقَلبِ مِن هَدأَةٍ، والدَّربُ جُرحٌ، وصَلِيبُ!
كُلَّما لَوَّحَ في الأُفقِ هَوًى خَفَقَ الصَّدْرُ، فَأَعْياهُ المَشِيْبُ
يَبسِمُ الثَّغْرُ فَتَخضَرُّ المُنَى، يُوْنِعُ الوَعدُ، وَيَشدُو العَندَلِيبُ،
وَتَئِنُّ الرُّوحُ مِن حُسنٍ طَغَى، وَمِنَ الأَهدابِ تَرمِي، وتُصِيبُ
فَزُهُورُ الوَعْدِ بَرْقٌ خُلَّبٌ ونِدا الأَجفانِ إِدلالٌ مُرِيبُ
وقُصُورٌ شادَها الحُلمُ لَمِنْ وَرَقٍ واهٍ، وأَطيافٍ تَغِيبُ
أَمِنَ الأَعيُنِ أَوهانُ الهَوَىَ؟! أَمْ مِنَ الثَّغْرِ بِهِ الشَّهْدُ يَذُوبُ؟!
أَمْ بِما يُضرِمُها، في دَفقِهِ، لاهِبُ الحِسِّ… قد انهَدَّت قُلُوبُ؟!
نادِنِي يا ساحِرَ اللَّحظِ تَرَ هامِدَ الشَّريانِ يَصبُو، ويُجِيبُ
فالحُشاشاتُ بِها دِفءٌ وفي ذابِلِ الآمالِ تَوقٌ، وَوُثُوبُ
هل لِقَلبٍ خَمَدَ الشَّوقُ بِهِ، سَكَنَ النَّبْضُ، وما حُمَّ الوَجِيبُ،
نَشوَةٌ يَأتَلِقُ العُمرُ بها فَمَداهُ الوَردُ، والأُفقُ الرَّحِيبُ؟!
هل لِكأسٍ ليس في خَمرَتِها لاعِجٌ يَكوِي، وتَذكارٌ حَبِيبُ،
ليس فِيها لِأُوارٍ غَيرَ ما زَوَّدَ الكَرمُ، وخَمَّارٌ أَرِيبُ،
ما لِأُخرَى كُلَّما لامَسَها ثَغْرُ وَلهانٍ طَغا، فيه، اللَّهِيبُ،
في طِلاها(1) مِزَقُ الرُّوحِ، وفي خَدَرٍ تَبعَثُ، إِيحاءٌ سَكُوبُ؟!
أَرتَضِي، يا قَلبُ، أَوهانَكَ ما غَرَّنِي زَهْوٌ، مِنَ العُمرِ، طَرُوبُ
لا، وَلا عِفتُكَ يا عِشْقُ ولو شَفَّنِي الوَجْدُ، وَوارَتنِي النُّدُوبُ
مِنكَ سِحْرُ الشِّعْرِ، إِشراقاتُهُ، مِنكَ رَيَّاهُ، رُؤَاهُ، والطُّيُوبُ
وعلى مَتنِكَ مَسراهُ متى سَكِرَ الخاطِرُ، أَو فاضَت غُيُوبُ
قَدَرٌ أَوهَى ضُلُوعِي فَأَنا عِندَ لَفْحِ الشَّوقِ سُهْدٌ، وشُحُوبُ
وأَمانٍ كُلَّما بانَت على أُفقِيَ الدَّاكِنِ يطوِيها الغُرُوبُ
رُبَّما يَعذِلُنِي القَومُ؛ وقد يُنكِرُ الحالَ فَيَجفُونِي الرَّقِيبُ
بَيْدَ أَنَّ القَلبَ يَشدُو كُلَّما لاحَتِ الفِتنَةُ، أَو أَومَت ذُنُوبُ
رُبَّ غاوٍ قَدَّسَ الشِّعْرَ، وما أَلهَمَ الأَوزانَ، جَوَّادٌ، مُصِيبُ
هو بُرْدٌ حِيْكَ لم أُسأَلْ بِهِ، هو ما لِلرُّوحِ، مِن غَيْبٍ، نَصِيبُ
هكذا صَوَّرَنِي الخالِقُ ما فَلَّنِي الهَمُّ. وَيَفرِينِي الرُّتُوبُ
فَلَكَم عادَ فُؤَادِي، ظامِئًا، يَنشُدُ الأَوهامَ، غِرًّا(2) لا يَتُوبُ
وَلَكَم أَسعَدُ لو ضَرَّجَنِي، في دُرُوبِ المُشتَهَى، قانٍ، صَبِيبُ
فَغِوَى الفِتنَةِ، بعد المُنحَنَى، خَمرَةٌ شَبَّ، بِها، الكَهْلُ النَّجِيبُ،
واحمِرارُ الخَدِّ إِشراقٌ، وفي جُلَّنارِ الأُفْقِ يَحلَولِي المَغِيبُ!
***
(1): الطِّلا: اللَّذَّة
(2): الغِرّ: الشَّابُّ لا خِبرَةَ لَهُ