خصائص المشهد الفني التراجيدي في أعمال الفنانة عبير عربيد

 

تتناوب الحوارات البصرية في أعمال الفنانة “عبير عربيد “(Abeer Arbid) مع إدراك لقيمة خصائص المشهد الفني التراجيدي، والبناء اللوني الدراماتيكي من حيث اللعب على الغوامق والفواتح، ودرجات الألوان في سمفونية بصرية هي حكاية شخصيات تدمجها لتظهر المشاعر التي يمكن تسميتها التنفيس العاطفي من أجل التطهير البصري المستوحى من الواقع والصراع العاطفي مع عقلانية ما يحدث، وبتعبيرات الكائنات التي تتناقض مع ذاتها إنسانياً ككائنات تتحدى التضاد الحسي ما بين القوة والضعف، العظمة والبؤس، برؤية فنية هي معرفة الحقيقة الصارمة لمأساة الشعوب التي تحكمها قوى اخرى غيبية نوعا ما .

لهذا نلمس قوة الفراغات بين التفاصيل، وكأنها تمنح المشهد عبثية تشهد على القلق والتوتر، انطلاقاً من الذات التي تتذوق المعاناة الإنسانية، وترسمها بحس فني يواكب التطلعات إلى الحياة عن بعد، وبتمثيل تشخيصي أو ذهني للصورة التي تتراءى عن المآسي وفق التراجيديا الإنسانية التي يتصورها الذهن ، وتشكل فنياً استجابات لريشة تنفلت من القيود وقواعد الفن. لتترك للتناسب منظوراً فنياً مختلفاً تحاكي من خلاله عربيد عوالمها المرتبطة دائماً بالإنسانية ومعاناتها ، والقدرة على التواصل مع ذلك. فهل من حركة مرئية تخيلية تجعلنا نتواصل تخيليا مع معاناة ترسمها عربيد وفق خصائص المشهد التراجيدي ؟ أم أنها تطمس التفاصيل المختلفة لتحفيز قوة الاكتشاف عند الرائي ؟ وهل مكونات اللوحة هي إدراك لقوة المعاناة في الحياة بشكل عام؟

من مجموعة متحف فرحات

 

تبرز قوة الألوان والتباينات في أعمال الفنانة “عبير عربيد ” اللبنانية الاصل والمولودة في الكويت، كترددات بصرية هي انبعاثات للمعاني التي تعكس الانطباعات التلقائية، وبتشبعات تمنح الطيف اللوني حضوراً توليفياً يجمع بين الحاضر والغائب ، والواقع الذي ينتج عنه صورة ذهنية مختلفة هي امتداد للمشهد في كل لوحة، فالمخزون الوجداني التراكمي كما تقول عنه هو زخم المشاهد المتخيلة عن الأحداث التي تقع في الحياة ، وقوة التعايش الانساني معها، مع الحفاظ على العناصر الفنية المعطاة للمشهد في لوحة تتطلب استكشافاً هو نوع من إعادة التخيلات، ورسمها بأسلوب تراكمي ميكانيكي من حيث الجوهر التحليلي، والإسقاطات المتعددة وبتتابع حركي يمنح العين غموضا بانوراميا لتصورات تنتج عن التباين في الألوان، والتضاد والتناقض مع الاحتفاظ باحتمالية إدراك مضمون الحركة اللونية ، بتعقيد هو كناية عن الواقع المعقد بظواهره المختلفة بعيداً عن الثوابت الانسانية . فهل رمزية الأنماط الحركية في أعمال عربيد هي علامات تنفصل وتتصل تبعاً لتنبؤات الأشكال الفنية التي تنتج عن التخيل الذاتي أثناء الرسم ؟ أم أن الفرضيات الإيحائية في أعمالها هي رؤية المعاناة الإنسانية وفق تراجيديات الحياة الواقعية والانفصال عنها من خلال الفن؟

من مجموعة متحف فرحات

 

توفر الخطوط وانعكاساتها الحركية في أعمال عربيد تصورات فنية عن طريق التكثيف اللوني المنسجم مع الخطوط، وغموض التفاصيل المشحونة بالتآلف والتضاد، وبتلاعب بالأنماط الإدراكية والمنظور الثابت والمتحرك الذي يخلق صورة ظلية حسية تحدّد من خلالها مستوى الوعي في المشهد المرسوم ضمن قدرة الريشة على التعريف بالمأساة التي تجعل من التصورات حركة ضمنية تستلزم المزيد من التحليلات لكائنات اجتماعية، وأخرى هي مرئيات مختلفة انطباعياً دون تغيرات في تمثيل الواقع، وكأنها تتعارض مع الانطباعيين، ولكنها تحافظ على انطباعاتها التعبيرية في الفن من خلال التكوينات الجزئية في اللوحة، والمتلاحمة حسياً مع الضوء بمعنى انخفاضه وارتفاعه ، ومؤثراته على الدقة والوضوح في خلق الغموض الفني الخاص بها، والمنعكسات التي تحفظ رد الفعل العاطفي أو الوجداني الناتج عن رؤية التفاصيل . فهل عقلانية المشهد التراجيدي تتوازى مع وجدانية الألوان في أعمال الفنانة عبير عربيد؟

من مجموعة متحف فرحات

 

 

اترك رد