في الثاني والعشرين من كانون الثاني يناير الجاري دخلت حيز التنفيذ المعاهدة بشأن حظر الأسلحة النووية. كلمات البابا فرنسيس الذي وصف هذه الأسلحة بـ”اللا أخلاقية” خلال زيارته التاريخية إلى هيروشيما، كانت الأخيرة في سلسلة طويلة من النداءات التي أطلقها البابوات السابقون بهذا الخصوص.
مما لا شك فيه أن البابا بيوس الثاني عشر هو من عاش في حقبة الكارثة النووية، عندما تم إطلاق القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي عام 1945. في الثامن من شباط فبراير من العام 1948 قال البابا باتشيلي إن القنبلة الذرية هي السلاح الأفظع الذي ابتكره العقل البشري. وليلة عيد الميلاد في العام 1955، وفي الرسالة الإذاعية التي تم بثها في مختلف أنحاء العالم، قدم بيوس الثاني عشر صورة عن القدرة التدميرية لهذا النوع من السلاح، الذي يولد الموت والدمار ولا تنتج عنه صيحات النصر إنما بكاء البشرية.
في الخامس والعشرين من تشرين الأول أكتوبر من العام 1962 كان العالم على أبواب اندلاع حرب عالمية ثالثة في أعقاب أزمة الصواريخ في كوبا وبعد أن هدد كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة باستخدام القنبلة الذرية. أطلق البابا يوحنا الثالث والعشرون نداءً في محاولة لإبعاد شبح الحرب، وتحدث عن وجود ضباب في الأفق يزرع الخوف وسط ملايين العائلات. وأكد البابا رونكالّي أن الكنيسة لا تريد سوى السلام والأخوّة بين البشر وتعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف، وقال: “إننا نتوسل إلى الحكام كي لا يصموا آذانهم أمام صراخ البشرية”. في العام 1963 أصدر رسالته العامة الشهيرة “السلام في الأرض” والتي دعا فيها إلى وقف سباق التسلح والعمل على إزالة كل الترسانات النووية تدريجيا.
في العام 1965 ألقى البابا بولس السادس خطابا أمام الأمم المتحدة وأكد أن الأسلحة وحتى إن لم تُستخدم تولّد الكوابيس والمشاعر السيئة، وانعدام الثقة، كما أنها تتطلب نفقات طائلة، وتعيق بالتالي برامج التضامن والعمل المفيد. وحثّ البابا مونتيني الجماعة الدولية على العمل من أجل تغيير مستقبل العالم. في العام 1978 وجه البابا بولس السادس رسالة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك وعاد ليؤكد فيها أن السلاح النووي هو التهديد الأفظع المحدق بالبشرية. وشجع الدول كافة على الالتزام في إزالة الترسانات النووية.
في العام 1981 لفت البابا يوحنا بولس الثاني إلى البصمة التي تركتها في ضمير البشرية حادثتا هيروشيما وناكازاكي، وقال إن الذهن البشري قام باكتشافٍ رهيب، إذ اتضح له مدى حجم الدمار والموت الذي يمكن أن ينتج عن الأسلحة النووية. وأضاف البابا فويتيوا أن مستقبل البشرية على هذا الكوكب مهدد بفعل الأسلحة النووية، واعتبر أننا نحتاج إلى يقظة خلقية وإلى تعبئة عامة من قبل جميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة، لأن الإنسانية مدعوة إلى السير قدما في درب الحضارة والحكمة.
البابا بندكتس السادس عشر تحدث هو أيضا عن عملية نزع السلاح النووي وقال: لا بد أن تندرج في إطار الالتزامات الدولية من أجل السلام الذي يرتكز إلى الثقة واحترام التعهدات، لا إلى توازن القوى وحسب. وعبر البابا راتزنغر عن تشجيعه للمبادرات الهادفة إلى خلق مناطق خالية من السلاح النووي بانتظار التوصل إلى إزالتها بالكامل والتجاوب مع تطلعات الشعوب وتحقيق التنمية البشرية المتكاملة.
***
(*) Vatican news