معاصر الهرمل … زيت وزيتون ومواسم خير

  تحقيق جمال الساحلي

تشهد معاصر منطقة الهرمل حركة دائمة على مدى ساعات الليل وحتى ساعات الفجر حيث يحمل المزارعون مواسم الخير من إنتاج الزيتون للحصول على الزيت البكر.

تنطلق عملية القطاف مع بزوغ خيوط الشمس، ينتشر العمال الذي يصلون إلى حقول الزيتون حول الأشجار بعد نشر ما يتيسر من الشوادر، وما انتشر بين الأيدي لينشر تحت الأشجار وهي أغلب الطرق التى يصار معها إلى قطاف حبوب الزيتون، مع استعمال العديد من المعدات والأساليب والسلالم التي تمكن العمال من الوصول إلى حبوب الزيتون وبخاصة في السهول الشاسعة التي لم يلتزم فيها المزارعون التعليمات والتوجيهات التي تعمل العديد من الجمعيات والتعاونيات الزراعية على تعميمها، بهدف الوصول إلى إنتاج جيد ووفير.

عبدالله مزارع شاب من الهرمل ورث عن والده مساحات شاسعة من أشجار الزيتون يؤكد أن “هذه الشجرة المباركة أضحت في مقدمة اهتمامه من القطاف إلى الفرز حيث يتم نقل قسم من الإنتاج الى الأسواق ليباع للمونة والقسم الأكبر ينقل إلى المعصرة لانتاج أجود أنواع الزيوت.

ولعصر الزيتون في المعصرة قصة أخرى: يتوافد المزارعون مع ساعات الظهيرة بعد الانتهاء من أعمال القطاف والجمع ليتم نقل الزيتون المعد للعصر أمام المعاصر المنتشرة في المنطقة، بعضها خاص وقسم آخر أنجز بهمة بعض الجهات والمنظمات الدولية التي وجدت في ذلك مدخلا لدعم المزارع والجمعيات التعاونية الزراعية في المنطقة، بحسب أحد مهندسي جهاد البناء المتابع لهذه الزراعة الحيوية، وبخاصة بعد أن وصلت سمعة إنتاج المنطقة إلى المصاف العالمية، وذلك بحسب احد مهندسي الاتحاد التعاوني الزراعي.

أبو حيدر مزارع تقليدي من الهرمل، يملك مساحات واسعة عمل مع إحدى الجمعيات العاملة في المنطقة إلى تحويل اشجار الزيتون التي ارتفعت عاليا إلى نموذجية يمكن معها الوصول إلى أفضل منتج ليسقط ما يردده الكبار عن رفض مقولة رفض عدم التشحيل. مصغيا لتوجيهات المهندسة المختصة التى نجحت معه إلى تحويل حقله إلى نموذجي أسوة بجاره الحاج احمد الذي استجاب لذلك منذ أعوام ليصل إلى أفضل إنتاج.

بالعودة إلى مراحل العصر، يعمد عمال المعصرة إلى استلام المنتج من المزارع حيث تتم أولا عملية الوزن ثم تسجيل دور تنطلق معه عملية العصر، حسب مدير إحدى المعاصر الحديثة حيث توضع الكميات دفعة واحدة لكل مواطن على حدة، تنتقل معها حبوب الزيتون على جنزير طويل إلى عملية الغسل والتنقية من الأوراق، تنطلق معها أعمال العصر بمراحلها المختلفة .المعصرة التابعة للاتحاد التعاوني تتميز بتقنيات عالية تتم معها الأعمال بعيدا عن أي تدخل يدوي ليخرج معها الزيت موضبا في عبوات خاصة تحمل علامات تجارية مميزة.

أحد العاملين المشرفين على إحدى المعاصر يتحدث عن آلية استخدام بقايا العصر بعد تجفيفها وتعرضها للشمس لتعالج بطرق فنية، وتصبح في ما بعد وقودا للتدفئة شتاء، يستفيد منها المواطنون الذين يستعملون المواقد والحطب، فيما يعمل البعض على تحويل الزيوت التالفة مع مرور الزمن إلى أجود أنواع الصابون الطبيعي، بعيدا عن الكيماويات والأدوية والمواد العطرية.

اليوم وفي ظل الظروف الضاغطة التي نعيشها، يبقى الأمل بهذه الشجرة المباركة التي ورد ذكرها في سائر الكتب السماوية تخفف عن المزارع مخاطر الايام وتضيء شمعة في هذه الظلمة. زيت وزيتون غذاء ونظافة ودفء لمواجهة الصعاب وتجاوز المرحلة.

***

(*)  الوكالة الوطنية للاعلام 

اترك رد