الهرمل… من أوائل المنتجين والمصدرين للزيتون

تحقيق جمال الساحلي

 

الزيتون شجرة مباركة، ورد ذكرها في أكثر الكتب السماوية لما تمثله من قيمة غذائية وحياتية ومصدر للرزق. عرفتها الأجيال منذ أقدم العصور، شجرة معمرة مقاومة للظروف الطبيعية والمناخية.

زراعة الزيتون، في قرى قضاء الهرمل، ولا يتجاوز عمر أقدم بساتينها الأربعة عقود، بدأت زراعته تشهد ازدهارا مع بداية التسعينيات، بعد أن تبين للمزارعين والتعاونيات الزراعية أن تربة القضاء ومناخها، وارتفاع بعضها عن سطح البحر ما بين 600 و900 متر، يناسب زراعة أشجار الزيتون، فضلا عن أنه يمكن تخزين الزيت لأكثر من سنة وبيعه لاحقا.

عن زراعة هذه الشجرة المباركة يقول “أبو حسين” وهو أحد المعمرين في الهرمل، “كانت زراعة الزيتون منتشرة في الاماكن الوعرة والصعبة وهي تعيش طويلا بين الأحجار والصخور، لا تعتمد على الري، ليبلغ محيط الجذع أمتارا عدة وترتفع أغصانها عاليا، لتتم مع بداية أيام الخريف جني المنتج واستعماله لمونة الشتاء”.

وعن أسباب زراعة الزيتون في منطقة الهرمل يوضح حمود وهو مزارع خمسيني: “بعد الكساد الذي واجههه إنتاج المشمش، الذي طالما اشتهرت به المنطقة في السبعينيات، تحول أغلب المزارعون إلى زراعة الزيتون في سهول الهرمل، وفق أحدث الأساليب والطرق ليتحول معها المزارع إلى هذا المنتج الذي يمكن الاستفادة من حبه وبذوره وحطبه.

ويؤكد المزارع أبو علي وهو من الكواخ أنه يتم اعتماد الأساليب الحديثة في الزراعة والري والتسميد، “ويتم عبرها الوصول إلى منتج متقدم من الزيتون من حيث التنوع بين منتج صالح للاكل والمونة، ومنتج صالح للعصر وإنتاج الزيت والذي وصلت معه المنطقة إلى مصاف العالمية”.

أما الدكتور مهيب، فعمل مع مجموعة من مزارعي المنطقة على استحداث جمعية تعاونية ليصار معها إلى التواصل بين المزارعين، للمساعدة في حل المشاكل وتأمين المساعدة اللازمة للنهوض بهذا القطاع الحيوي واستحداث أول معصرة حديثة على صعيد المنطقة، بعدما عمد الكثيرون إلى حمل المنتوج إلى مناطق مجاورة للحصول على الزيت.

وبدوره، عمل أحد المزارعين الشباب، بسام، من الزغرين على زرع مساحات واسعة من الأراضي واستحدث مع مجموعة من المهتمين تعاونية، بالتعاون مع هيئات وجمعيات تعاونية، وأسسوا معا معصرة حديثة لإنتاج الزيت وتصنيع الصابون. ولقد نجحوا في التواصل مع المزارعين والهيئات الدولية والرسمية، في المشاركة في معارض عالمية، وأقاموا الندوات الإرشادية ووضعوا نشرات إرشادية وزعت على المزارعين للوصول إلى منتج متقدم بعيدا من الأمراض الزراعية التي يمكن أن تصيب الشجر والمنتج.

بعض المزارعين اتبع الحداثة في زراعة الزيتون ونظم حقوله وفق أحدث الأساليب بعد أن واكب كل الندوات والتزم التوجيهات من الزراعة حتى جني المحصول، وأكدوا “الوصول إلى العالمية من حيث التنوع والإنتاج”.

ويؤكد رئيس الاتحاد التعاوني في البقاع خضر جعفر “العمل من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي والنجاح في الحصول على اجود انتاج وصلنا معه العالمية، واستطعنا تأمين معصرة حديثة مجهزة لنحصل على زيت موضب وجاهز للتسويق ونجحنا معا في تأمين ذلك، بالإضافة إلى تأمين التواصل مع الجمعيات المعنية والهيئات الدولية”، مشيرا الى ان “وزارة الزراعة كانت حاضرة في المراحل كافة وقدمت كل الدعم والرعاية بشكل مباشر. ونجحنا في تأمين الأدوية والفراطات الآلية والتسويق”.

وبعض المتقاعدين وجدوا في زراعة الزيتون والاهتمام به، مصدر خير وسند في الظروف الصعبة، ويقول أحدهم: “الهرمل نجحت في التحول إلى الزيتون وأصبحت من أوائل المنتجين والمصدرين للأسواق. زيتون، بأنواعه وزيت بجودته بعد أن توافرت المعاصر والأسواق، فأصبح مصدرا للخير والصمود والعطاء على مدى العصور”.

ومع نجاح زراعة الزيتون في قضاء الهرمل، يبقى الأمل أن تعطي هذه الشجرة المباركة وفرا اقتصاديا لسكان المنطقة، يساعد في تأمين حياة كريمة.

***

(*) الوكالة الوطنية للاعلام

اترك رد