تودع إيطاليا المناضلة اليسارية روسانا روساندا التي توفيت عن عمر 96 عاما. أسست جريدة “المانيفستو” اليسارية الشهيرة في الأوساط اليسارية. تلقت عائلتها برقيات عدة بينها برقية من رئيس الجمهورية الإيطالية سرجو ماتاريلا ومن عدد كبير من الشخصيات.
خصص الإعلام الإيطالي وفاء لها مساحات واسعة يروي حياتها النضالية منذ تأسيس الدولة الإيطالية عام 1946. واستذكر أهم المحطات النضالية للشخصية التاريخية في اليسار الإيطالي والحزب الشيوعي الإيطالي بشكل خاص.
وغرد القيادي اليساري فوستو بيرتينوتي قائلا: “سوف تبقى في قلوبنا وتعيش في ذاكرتنا”.
ولدت روسانا روساندا في شمال إيطاليا في مدينة بولا بمقاطعة استريا عام 1924، وشاركت في المقاومة في الوطنية بميلانو ضد النازية والفاشية. التحقت بالحزب الشيوعي الإيطالي عام 1946. وفي عام 1958 انتخبت في اللجنة المركزية للحزب. وتسلمت بين عام 1963 وعام 1966 القسم الثقافي في الحزب الشيوعي. عام 1966 شاركت في تأسيس جريدة Il Manifesto. وفي عام 1969 فصلت عن الحزب الشيوعي الإيطالي الذي اتهمها بتكريس الانقسام.
ثم أسست تجمعا سياسيا تحت إسم المانيفستو. وناضلت في الحزب الديمقراطي التقدمي من أجل الشيوعية (1976-1979). ألفت عددا كبيرا من الكتب. وشاركت في نضالات الحزب الشيوعي الإيطالي الذي مثل القوة الثانية في إيطاليا، وحقق نجاحات انتخابية بلغت أكثر من ثلث أصوات الناخبين والمقاعد البرلمانية، خصوصا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين اكتسب شعبية بسبب مشاركته الفاعلة بحركة المقاومة، وكذلك بفعل موقفه الاستقلالي عن موسكو منذ غزو القوات السوفييتية لتشيكوسلوفاكيا العام 1968 لوأد الحركة الإصلاحية الداعية إلى” اشتراكية ذات وجه إنساني” وهي ما عرفت بـ ” ربيع براغ”.
كيوان
وفي حديث لـ”الوكالة الوطنية للإعلام”، قال الصحافي سعد كيوان الذي عاش ما يزيد على عقدين من الزمان في إيطاليا وعمل في صحفها اليسارية وجريدة المانيفستو بشكل خاص، وعرف روسانا روسندا من قرب وعمل معها: “عرفت روسانا روسندا المثقفة والكاتبة الخلاقة ومن اهم المجددين في الفكر الشيوعي منذ أكثر من ثلاثين عاما عندما انضممت الى اسرة تحرير صحيفة “المانيفستو” الايطالية كصحافي متابع لشؤون الشرق الاوسط الذي لم يكن ليغيب عن انتباهها كأحد العوامل الاساسية لقراءة وتحليل التحولات في السياسة الدولية. فهي كانت تقرأ ما يجري في ايطاليا واوروبا انطلاقا مما كان يحصل من تطورات دوليا وانعكاساتها على الداخل. وكانت صاحبة نظرة جدلية وشمولية في قراءتها لكل عناصر ومكونات المجتمع وتعبيراته. امرأة ذكية هادئة ثاقبة الذهن والرؤية”.
أضاف: “خاضت معارك سياسية من موقعها كوجه قيادي في الحزب الشيوعي في الستينات سواء كمسؤولة عن القطاع الثقافي او كنائبة في البرلمان، ثم بعد خلافها مع الحزب هي ومجموعة من رفاقها حول الموقف من الاتحاد السوفياتي الذي بدأ يشهد التحولات البيروقراطية والسلطوية في سياسة الحزب الشيوعي السوفياتي بدءا من التدخل في تشيكوسلوفاكيا لقمع ربيع براغ عام 1968 ثم متابعتها المباشرة بانتقالها الى باريس لثورة أيار الطلابية في العام نفسه. كما خاضت نضالا منهجيا وحاسما انتصارا لحقوق المرأة ومساواتها بالرجل. وفيما بعد اسست مع مجموعة من الرفاق القياديين والمفكرين مجلة “المانيفستو” التي أصبحت لاحقا من أهم الصحف اليسارية في اوروبا ومنبرا للنقاش الجدي والحر حول كافة قضايا التحرر في العالم وبالأخص قضية شعب فلسطين، ومكانا لمقارعة ومراجعة وتجديد الفكر الشيوعي وانتقاد سياسة ما بات يعرف يومها ب “دول الاشتراكية السوفياتية” او “اشتراكية الامر الواقع”.
وختم: “كانت صاحبة شخصية وحضور لافت وظل خفيف ونشاط فكري ونتاج كتابي وثقافي غزير، تتمتع بقدرة استثنائية على الاقناع كمثقفة وكصحافية وكرئيسة تحرير، فكانت هي من يقوم غالبا بتصويب وجهة البوصلة في نقاشات اجتماعات التحرير في الجريدة. تمردت باكرا على مفهوم السلطة وكل أشكال العبودية، ودافعت بثبات ونفس طويل عن أفكارها وعن حرية رأي الآخر حتى النفس الأخير”.