البابا فرنسيس إلى الكهنة المسنين: لتساعدنا هذه الفترة على تذوق جمال اللقاء مع الآخر والشفاء من فيروس الاكتفاء الذاتي

 

 

كانت مقاطعة لومبارديا مركزا لوباء “كوفيد 19” ما أدى إلى وفاة أكبر عدد من السكان. وفي منتصف شهر آذار الماضي فاق عددهم الـ 60 بالمئة من مجموع الضحايا في جميع أنحاء البلاد ومعظمهم من كبار السن. ومن بين الضحايا في مقاطعة لومباريا 67 كاهنا أصيبوا بالوباء أثناء تأدية واجبهم الروحي والإنساني خصوصا في شرق ميلانو عاصمة المقاطعة ومدينة برشيتا وكريمونا.

وفي 10 آذار الماضي، أثناء ذروة انتشار الوباء، طلب أب الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس من الكهنة “التحلي بالشجاعة للخروج والذهاب لرؤية المرضى” في وقت طلبت الحكومة الايطالية من المواطنين البقاء في منازلهم. وكتب في رسالته إلى المشاركين في لقاء الكهنة المسنين والمرضى في مقاطعة لومبارديا الذي سينعقد في الأسبوع المقبل: “لا نخافن من الألم لأن الرب يحمل الصليب معنا!”.

ووجه الحبر الأعظم رسالة إلى المشاركين جاء فيها: “أيها الإخوة الكهنة الأعزاء، يسعدني أنه في هذا العام أيضا، وعلى الرغم من القيود الضرورية لمكافحة الوباء، قد اجتمعتم مع أساقفتكم في مزار العذراء مريم في كارافادجيو. أشكر مجلس أساقفة لومبارديا، الذي ينظم منذ ست سنوات يوم الصلاة والأخوة هذا مع الكهنة المسنين والمرضى. جميل اهتمام الرعاة هذا بالجزء الأكثر هشاشة جسديا من بين كهنتهم. في الواقع، أنتم كهنة يقومون، في الصلاة، والاصغاء، وتقدمة الآلام، بخدمة غير ثانوية في كنائسكم”.

أضاف: “أتمنى حقا أن تساعدنا هذه الفترة لكي نفهم أنه، أكثر من مجرد احتلال مساحة، من الضروري ألا نضيع الوقت الذي منح لنا، وأن تساعدنا أيضا على تذوق جمال اللقاء مع الآخر، وعلى الشفاء من فيروس الاكتفاء الذاتي. لا ننسين أبدا هذا الدرس!”.

وتابع: “في المرحلة الأصعب والمفعمة بصمت رهيب وفراغ كئيب، رفع الكثيرون، بشكل عفوي، أنظارهم إلى السماء. وبالتالي وبفضل نعمة الله، يمكن لهذه المرحلة أن تكون خبرة تطهير. وكذلك بالنسبة لحياتنا الكهنوتية يمكن للهشاشة أن تكون “مثل نار الممحص، ومثل أشنان القصار”، ترفعنا نحو الله وتنقينا وتقدسنا: فلا نخافن إذا من الألم لأن الرب يحمل الصليب معنا!”.

وختم البابا فرنسيس رسالته: “أوكل إلى العذراء مريم كل فرد منكم، إليها، هي أم الكهنة. أرفع صلاتي من أجل العديد من الكهنة الذين ماتوا بسبب هذا الفيروس والذين يعيشون مرحلة إعادة التأهيل. أرسل لكم بركتي واسألكم من فضلكم ألا تنسوا من أن تصلوا من أجلي”.

ووصف المرسل الماروني ومدير راديو مريم الأب جورج بريدي في حديث مع “الوكالة الوطنية للإعلام” مبادرة الحبر الأعظم بالـ”نابعة من القلب”، وقال: “المبادرة التي يأخذها اليوم قداسة البابا فرنسيس في لقاء الكهنة المسنين هي مبادرة نابعة من قلب يعرف معنى المحبة الأخوية والرحمة تجاه من هم بحاجة لكلمة، للفتة، لتشجيع، للقاء بنوي. إن الكهنة المسنين قد يعيشون أحيانا تحديات وصراعات صعبة تتسم بالوحدة والشعور بالإهمال وعدم وجود من يسنده في ثقل سنوات شيخوخته. فها هو قداسة البابا يقوم، على مثال المسيح الذي جاء ليخدم لا ليخدم، للقاء من خدموا مذابح الكنائس وأسرارها بتفان وحب، ليعطي بدوره مرة جديدة صورة حقة عن المسيح المحب الذي لا يترك ولا يهمل أحباءه”.

أضاف: “يدعونا قداسة البابا الى لقاء الكهنة المسنين وإلى النظر إليهم دائما والسؤال عن أحوالهم خصوصا أولئك الذين فقدوا عائلاتهم وأحباءهم. وهكذا نعيش الأخوة المسيحية التي نحن مدعوون إلى عيشها في جسد واحد، جسد المسيح السري، ألا وهو الكنيسة”.

اترك رد