ضحى عبدالرؤوف المل
عمل الفنان الفلسطيني في الفن التركيبي من المهملات مع اهتمامه بالفن التشكيلي برموزه الفلسطينية، وهو من رسم غلاف رواية «ذاكرة الجسد» للروائية أحلام مستغانمي، وحصل على جائزة تقديرية من مسابقة التفكير باليدين من السفارة الإسبانية عمان، كما أنه حاصل على التفرغ الإبداعي لمدة عام من وزارة الثقافة الأردنية، وهو عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وتتميّز أعماله بالتمثيلات الرمزية لمكوّنات فلسطينية دون أن يتجاوز الهوية الفلسطينية البحتة، دائما المرأة والطيور والأزياء التراثية متعلقة بقضايا الشتات الأكثر أهمية في الهوية الفلسطينية التي يشدّد عليها في أعماله. فهل يفتح نافذة على فلسطين في كل لوحة يرسمها؟… مع الفنان الفلسطيني أحمد صبيح أجرينا هذا الحوار:
{ المرأة الفلسطينية والحمام وسوى ذلك من الرموز التي أصبحت هوية للوحة الفلسطينية، ما رأيك؟ وتبدو ألوانك تراثية تميل إلى الإتزان لماذا؟
- لأني أعشق ثوب أمي لقد كان يغطي وجهي وهي تحمل سلة الخضار عندما تذهب لجلبها من السوق وكنت طفلا أمسك بثوبها.
{ أحمد صبيح وفلسطين والمعنى المبطّن في لوحاتك، ألا تعتبر أن الروتين يمنع التجدّد؟
- الروتين بشيء حرّ يمنع التجديد، أما بشيء مسجون فهو يبحث عن حرية ليحلّق بما هو جديد. رموزي ثابتة وقضيتي ثابتة لا تتغيّر إلا بالحرية.
{ تستخدم الكثير من التمثيلات لتكوين المشهد الفلسطيني تحديداً ألا يتعبك هذا ويضعك بين هلالين فنان لفلسطين فقط؟
- وكيف يتعبني وأنا أريد فلسطين بكامل ثوبها المطرز عندما تعود سأرسم فيها كل شيء جميل وحر، وأنا أرى أن اللوحة إذا لم يكن فيها قضية ستصبح ديكورا للجدار أما بقضية ستصبح نافذة للجدار، فكيف ووطني محتل.
{ ثورة فلسطين في رسومات أحمد صبيح أين؟ وفي أي لوحة؟
- هنا ستجدين المقاومة في آخر لوحة من مجموعتي الجديدة. لقد بدأت من اللجوء إلى الشتات إلى المقاومة ورسوماتي في فضاء المخيم في داخلها مقاومة حيث أنني أرى أن المقاومة ليست فقط بالسلاح بل أيضا بعدم نسيان فلسطين، وتذكير من يحاولون أن يجعلوا من الفلسطيني هنديا أحمر لذلك أركّز على الجذور، وكيف ستكون مقاومة للنسيان الذي هو الآن يحتل الفكر العربي. بكل شيء لا أرى سوى أن تبقى فلسطين حاضرة أمام من يريدون أن تُنسى، وهذه أهم مقاومة في وقتنا الحالي وخاصة الهرولة للتطبيع وتنفيذ أدوات العدو للنسيان لفلسطين وتاريخها وحضارتها. في لوحاتي القادمة من فضاء المخيم ستكون المقاومة ترتدي كل هذا الأصل والفصل وحتى كل ما تبقّى من ذاكرة لمحاربة من يريدون للجيل القادم بنسيان فلسطين.
{ الطيور هي الأحلام الفلسطينية، عادة نشاهد الطيور مع غصن الزيتون أما في لوحاتك ترافق الطيور المرأة، هل تشير إلى قوة الشتات الفلسطيني بذلك؟
- الطيور هي خيط الحرير الذي نسج به الثوب، فالخيط يختار الوردة التي يعشقها ليسكن فيها والطير ينسج عشه في الأرض والشجر الذي يعشقه. أرى أن المرأة الفلسطينية في الشتات مثل العصفور الذي سلبوه كل هذا الفضاء ليوضع في قفص صغير مكعب، وهكذا حال المخيم وأرى أن العشق الذي يسكن الأنثى في المخيم لا يقلّ حلما وحنانا عن الآخرين من الأخريات من النساء، فالضوء والشمس عشق الطيور المهاجرة، فكل النساء في المخيم يحلمن بالعودة إلى الوطن على الحصان الأبيض. لذلك أقول أن نساء المخيمات لا يختلفن عن غيرهن مثل الطيور المهاجرة التي تختلف بألوانها وحجمها ولكن هدفها واحد هو الدفء.. والوطن دفء لا يشعر به إلا من يرتدي ثوب الشتات، لذلك في أحدى اللوحات أسميتها «أحلام مغتصبة» أخصّ فيها المرأة الفلسطينية في المخيم.
***
(*) اللواء 8-9-2020