(تَحِيَّةٌ لِرُوحِ الشَّاعِرِ الصَّدِيقِ عَبدالله شحادة، لِمُناسَبَةِ إِصدارِ نِتاجِهِ الأَدَبِيِّ كامِلًا)
كانَ عَهْدٌ يا صَدِيقِي، وبَرانا بَعدَهُ عُمْرٌ كَوانا إِذْ سَلانا
كانَتِ الأَيَّامُ وُدًّا خالِصًا، وإِخاءً في التَّصافِي وافتِتانا
أَنتَ غادَرتَ، فَلَو تَنظُرْ إِلى ما عَرَى، في غَفْلَةِ الحَقِّ، دُنانا
إِنَّنا، اليَومَ، ضِياعٌ، بَعدَ أَنْ لَفَّنا الإِثْمُ، وأَنسانا الأَمانا
فَذِئَابٌ تُمسِكُ الدَّفَّةَ كَم جاءَنا مِنهُم فَسادٌ فَبَلانا
فَلَوانا العُسْرُ حَتَّى صَوَّحَت رِيحُهُ الرَّيْحانَ، والعَيْشَ اللَّيانا
خَلِّنا، الآنَ، فَذِكراكَ لَنا، حَيثُما وافَت أَسَت مِنَّا الجَنانا
هو ذِكْرٌ لِزَمانٍ فاتَنا، كُلَّما طَوَّفَ في البالِ شَجانا
كُنتَ فِينا خَيرَ مَن نَأْوِي إِلى جِنْحِهِ الدَّافِئِ، نَشتاقُ الحَنانا
كُنتَ، في الإِبداعِ، فَذًّا لا يَنِي يَبذُرُ الأَحرُفَ تَنداحُ جِنانا
ويَمُورُ الشِّعرُ في سَودائِهِ، وعلى الرُّقعَةِ يَختالُ حِسانا
لَيسَ تَخبُو فِيهِ أَوزانٌ وقد قَتَلَ الفِكرَةَ تَوقًا ومِرانا
ما تَوانَى في تَوالِي الهَمِّ عَن شَغَفِ الضَّادِ، ولا استَرخَى بَنانا
ما جَفا الإِبداعَ حَتَّى جاءَ ما أَوقَفَ العُمْرَ وقَضَّ الخَفَقانا
غِبْتَ عَنَّا، غَيرَ أَنَّا لَم يَزَلْ وَعْدُ هاتِيكَ المُنَى فِينا رِهانا
آهِ لَو تَرْجِعُ أَيَّامٌ نَأَت، ومَضَى في رَكْبِها النَّائِي هَوانا
آهِ… لكِنَّا نُناجِي خَمْرَةً، قَد طَواها الدَّهْرُ عَرْفًا ودِنانا!