في الخامس عشر من شهر تشرين الأوّل، من كلّ عام، وابتداء من العام ٢٠٠٨، يحتفل العالم باليوم العالميّ لغسل اليدين. وقد اختارته الأمم المتّحدة تزامنًا مع إعلان العام ٢٠٠٨ عامًا دوليًّا للصرف الصحّيّ.
إنّها حملة تهدف إلى توعية ملايين الأفراد حول العالم على ضرورة غسل اليدين بالصابون، للوقاية من الأمراض، وخصوصًا للوقاية من الإسهال والالتهاب الرئويّ، اللذين يحصدان بصورة خاصّة ملايين الأطفال سنويًّا.
ويعود الاهتمام بنظافة اليدين وربطها بانتشار الأوبئة، إلى القرن التاسع عشر، وإلى الجرّاح الإنكليزيّ الشهير جوزف ليستر الذي استوعب ما قاله العالم الفرنسيّ باستور حول دور الميكروبات والفيروسات في نقل الأمراض. وكانت النسبة العالية للوَفَيات(٤٥٪) بعد إجراء العمليّات الجراحيّة تؤرّقه، فقرّر تعقيم غرف العمليّات وثياب العاملين فيها، وركّز كثيرًا على أهمّيّة نظافة أيدي الجرّاحين؛ وبفضل تعميم هذه الإرشادات انخفض عدد الوفَيات بعد الجراحة بشكل ملحوظ.
أمّا غسل الأيدي المتكرّر بالإكراه والخارج عن حدود الاعتدال، مع علم الشخص بغرابة تصرّفه وعدم فائدته، ولغير سبب صحّيّ جسديّ فيؤشّر إلى مرض نفسيّ يعرف بالوسواس القهريّ(obsessive-compulsive disorder)، كما يعرف بفوبيا الجراثيم، وتتساوى نسبة الإصابة به ما بين الجنسين، وخصوصًا في عمر الشباب.
على أنّ لغسل الأيدي معنًى مجازيًّا، أيضًا،
يعني التبرّؤ من الاثم ونفض اليدين ممّا يحدث. ولعلّ أبرز من قام بهذه الحركة هو بلاطس البنطيّ، الذي طلب إليه الموافقة على صلب المسيح ولم يجده مذنبًا فغسل يديه وقال جملته الشهيرة” أنا بريء من دم هذا الصدّيق” .
أمّا عندنا فأعتى المسؤولين هم البلاطسيّون الذين يغسلون كلّ يوم أيديهم ممّا آلت إليه الأمور ، على مختلف الصعد، وخصوصًا الماليّة والاقتصاديّة منها، بعد أن ولغَت في أموالنا وأبدعت في السلب والنهب والتبييض وتحويل الأموال والتصرّف بمدّخراتنا على هواها.
ولكن، هيهات أن تتمكّن كلّ مطهِّرات الأرض من تبييض أياديهم القذرة!