يظل الوطن وفق الأنا فاكهة الإنسان التي يترقب نضوجها بشوق..
تنوّعت افكارهم، كلّ حسب نظرته للحياة التي شكّلتها ظروفه و محيطه و مستواه الإجتماعي و الثقافي.. في لقائهم هذا المساء، فتحوا دفتر النقاش على صفحتي الشؤون العامة و الخاصة كالعادة للتخفيف من وطأة المعاناة التي أضحت رفيقتهم الدائمة و لربما للوصول إلى الحد من علامات الحيرة و التعجب التي تنتابهم حول قضاياهم، لكن هدفهم ظل واحدا يجمعهم لدراسة مخطّطاته و التحليل و التنفيذ، فنطق الأول متسائلا: إلى متى و شبح الإنتظار ينخر معالم مستقبلنا و يوسّع مساحات الضباب أمام أفقنا..؟
قال الثاني: لا تسمحوا للقلق بان يحاصركم.. دعونا ننتظر أصحاب قرارات الحل و ما تحمله برامجهم العملية التي وعدونا بها يوم كانوا بحاجة إلى أصواتنا..
قال الثالث: يا جماعة.. إني لا أرى إلأ أصحاب قرارات الربط يصدّون الأبواب.. ما يجب ان تعلموه هو انه لا أحد اليوم أصبح يهمه أمر الٱخر، فلا ضمير اراه يحمل الوفاء لتلك الأصوات..
رد عليه الثاني: لِمَ كل هذا التشاؤم و اليأس من الثقة بالٱخر؟
تدخّل الرابع: صحيح، لأن الأنانية تحتّم عليه حل كل العقد أمام قضاياه الخاصة و غلق الباب بإحكام أمام القضايا العامة..
قال الخامس: و الوطن؟؟ ألا يفكر احد منهم في خدمة الوطن؟
غزت ملامحهم ألوان الحيرة و نطق اربعتهم في نفس الوقت: الوطن؟
و أردف الأول: الوطن يا غبي هو الفاكهة التي ننتظرها جميعا.. ألا ترى اننا نكثف من إجتماعاتنا لنفكر في طريق ٱخر عندما يئسنا من الوصول إلى بعض هذه الفاكهة.. ؟
إعلم أن الهدف الوحيد الأوحد المصوّبة إليه الأنظار هو تلك الفاكهة التي يستلذّ طعمها و ينعم بنكهتها و يتمتّع بمحصولها كلّ بطريقته حسب رغبات الأنا التي تتّسع ربوع مطامعها، فالسارق يجنيها من نشاط السرقة.. و الظالم من تفانيه في البطش و الظلم و الإستبداد.. و السياسي من ملازمة الكرسي.. و المزيّف من ارتداء الأقنعة.. و صاحب الخطابات من الإبداع في التمثيل، و يتسابق الجميع نحو الفاكهة التي يحب طعمها بعد نضجها ثم يعلن تعلّقه بها..
قاطعه الثالث: و نعلن نحن هروبنا إلى حيث فاكهتنا التي نبحث عنها.. و اتّفق الأصدقاء الخمسة على شدّ الرحال..
***
(*) قصة قصيرة مختارة من كتاب: “وشم الأنا”.