١- بِقَلَم ِ حِبْرِ الكُوبيا التَارِكِ أَثَرَهُ على الأَصَابِعِ وكُلِّ مايَقَعُ تَحْتَ صَبْغَتِهِ البَنَفْسَجِيَّةِ الدَمَّاغَةِ من ماءٍ وهواءٍ وتُرابٍ ونارٍ، أَكْتُبُ… وعِندَ الحَشْرَةِ و الضَرورةِ القُصوى ، أَكْتُبُ بشُحتَارِ فَحْمِ مُشَحّْلاتِ زَيْتونَةِ الدارِ العتِيقَةِ النَافِرَةِ ِعُروقُها كَزنُودِ عَجائِزِ التِّينِ والصُبَّارِِ الأَصْفَر.
٢- بالأسودِ القاتِمِ دَمَساً والأبيَض ِ الرَّاشِحِ نُوراً أَكْتبُ هَلْوَساتي البَريئَةَ وأُسَجِّلُ مَجْنُوناتي الرَقَّاصَةِ كَإبْرَةِ سَاعَةِ الجَيْبِ ، وأُدَوِّنُ على حَائِطِ مَدْخَلِ البَيْتِ بَعْضَ آهاتي الوَجِيعةِ ، وأُشَخْطِرُ على مَصْطَبَةِ الدَرَجِ شَهَقَةَ تَجْريحَاتِ صَرْخاتي العَميقَةِ … أُسَجِّلُها لأَحْذُفَها مِن ذاكرتي وأُخبِّئَها زادَاً إحتياطِيَّاً ليومِ القيامَةِ.
٣- بالأسودِ والأبيض ِبرأسِ قلمِ الرصاصِ المأكولِ بالمِبراةِ لَكَثْرَةِ ما صارَعَ المِمْحاةَ، أُدَوِّنُ وأُسَجِّلُ وأَكْتُبُ كثيراً ، أَكتبُ كلاماً مُثيراً..أكتبُ وأَمْحي…ثُمَّ أَكْتُبُ وأَمْحي إلى أن يَنْطَفِئ اللَيْلُ ، فَأَغُطُ ريشَتي بِمَحْبَرَةِ الظُلْمَةِ وأَروحُ أَكْتُبُ بالأَسْودِ خَربشاتٍ لا يَحُلُّ لُغْزَها إلَّا المَضْروبَةُ صَدورُهُمُ بِمِشْكاةٍ منْ نورِ القلْبِ…هُمُ وَحْدَهمُ المُؤَهْلونَ لِفَكِّ حَرْفِ الكَلِمات ِ المَمْحِيَّةِ …هُمُ دونَ غيرِهِم يَكْتَشِفُونَ مَخْبأي في نُصوصي اللَّامَقْرؤَةِ…أنا أَحفُرُ عَميقاً في نَصّي ، و هُمُ يَعْثُرونَ عَلَيَّ بَيْنَ مَيْتٍ و حَيٍّ ، جُثَّةً مَتروكَةًَ لِقَدَرِها العَفينِ ، جُثَّةً .. لا أقدامَ لها ، لا يَدَيْنَ…،هامَةً بلا وَجْنَةٍ رَأساً بلا جَبين…لا تلاميحَ تَدْلُّهمُ عَلَيَّ، لا مَلامِحَ تُؤَشِّرُ إليَّ ،،لا طَيْفَ يَسْلونَهُ عَنّي ، لا سَرابَ لِخَيالي ، لا رَمادَ لِمَحْروقاتي ، لا بقايا تُرابٍ مِن جَبْلَتي أَرُدُها لِلَّهِ يَوْمَ الحِسْبَةِ ..!