سليمان يوسف ابراهيم: د. جميل الدويهي هنيئًا لنا بكَ سفيرًا لثقافتنا

من اليمين: الأديب سليمان يوسف ابراهيم، د. جميل الدويهي، الأديبة مريم الدويهي

 

في الحفل التكريمي الذي نظَّمه مُنتدى “لقاء” احتفاءً بوجود الدّكتور جميل ميلاد الدّويهي   مع وفدٍ مرافق من شعراء “أَفكار إِغترابيّة”- أُستراليا- في الوطن الأُم لبنان  تحت عنوان “أَفكار إِغترابيّة” في رِحاب “لقاء” على مسرح المكنبة الوطنيَّة في بيروت ، ألقى الأديب سليمان ابراهيم الكلمة التالية:

 

من “جبل القداسة” – عنّايا- إليكم أَنيتُ، وإلى بيروتَ “أُمّ الشَّرائع” نحوكم دلفتُ،لأَقول:

حزمتُم حقائبَكُم بشراعِ الحنينْ

وانطلقْتُم بلادَ الأَرزِ: وجوهَكُم مُيمِّمِينْ…

والفرحُ يغمرُ عُيونَنا والوجوهَ؛

أَنْ نَلقَاكُم على مِنصَّةِ ثقافةٍ: قاماتٍ مَيامينْ!

يسرُّني في هذه الأُمسية الرَّيقة الشّيقة من أَماسي بيروتَ التي تبقى أُمُ الشَّرائع، بالرُّغمِ من كلِّ ما ينتابُها من أَوصابٍ، أن أَتصفَّح وجوهَكم عن قُربٍ، وأَتهجّى لهفةَ العودةِ في عيونِكم، وأنا على أَدنى من قاب قوسين منكم: نظرةً نظرة، ولفتةً لفتة، تضجُّ قلوبُكُم بمُنى اللِّقاءات مع أَهلِ الكلمةِ وسادَةِ الإبداعِ من وطنِكم الإُمّ، لبنان.

كم أَشعُرُ بثراءِ فكرٍ وغِنى روحٍ ونحنُ نلتقي مع مُثقَّفينَ من جمهورِ وطني، كوكبةً من أَهلِ “نادي الشَّرق لحوار الحضاراتِ” برئاسة السيِّدة فيُولَّا تنُّوري عبُّود، وهي سانحةٌ قيِّمةٌ أن نتعارفَ بكُم عن قُربٍ؛  فألفُ أَهلًا ومرحبًا بكُم بيننا.

هؤلاء أَنتُم، سفراءُ حضارةِ وطنِنا من “نادي الشّرق لحوار الحضارات” والسّادة المثقفين الــمُنضَوينَ تحتَ لواءِ “أَفكار إِغترابيّة”، الذين آمنتُم بالحوار سبيلًا سليمًا تجتازونه دربًا،  وتُصَعِّدون مراقيه قُدُمًا، فتحوكونَ على نولِ القِيمِ والمبادئ بخيوطِ الكلمةِ وخطوطِ الفنونِ علائقَ إِنسانيَّةً مع أَهلِ الثَّقافةِ في الوطنِ الجديدِ، أَودى بكُم إلى توأَمةٍ تعتصرونَ في دِنانِها، كما نعتصر من علاقتنا بكم – نحن أَهل الوطن- خمورًا من تواصلِنا وخيورًا لا تنقضي لها مواسمٌ.

مُباركةٌ من القلبِ هذهِ التّوأمةُ التي أَقمتموها فيما بينَكُما، فأَرسَيتُم عِبرَها انصهارًا بينَ المُثقَّفينَ المُجتمعينَ تحتَ لواءِ كلٍّ منكُما، نُصرةً لرُقيِّ الكلمةِ وتحقيقًا لأَهدافِها السُّميا. هي بحقٍّ توأَمةٌ نأمَلُ من ديمومتِها الكثيرَ، في ظلَّ رعايةٍ خَبِرَةٍ ومُتابعةٍ مُرشِدةٍ من الطَّرفَين.

يومَ سافرَ صديقي الدُّكتور جميل ميلاد الدُّويهي إلى وطنِه الجديد، حزمَ وطنَهُ لبنان ولُغتَه العربيّةَ في قلبِه، مع ما حوَت حقائبُه من مَتاعٍ مُرغمًا على هجرٍ. وهناك، بنى لنفسِه سفينةَ فكرٍ لم يشأْ أن يجوبَ العالمَ على متنِها وحيدًا، فكانت أُسرةُ “أَفكار اغترابيّة” الموقعُ الإلكترونيُّ للمِّ الشَّمل الثَّقافي، رفاقِه في الرِّحلةِ، حيثُ ابتنوا للكلمةِ بالكلمةِ الحقِّ نثرًا وشعرًا قصورًا؛ وأَسَّسوا أَوطانًا جُدُدًا؛ حُقَّ من بعدِها أن يُطلقَ على صديقي من عارفيه وقادريّ سعيه بكفاحٍ وسهرٍ دؤوبَينِ، لقبَ “زعيمُ النّهضةِ الأَدبيَّةِ الجديدة”. فهنيئًا لنا بكَ سفيرًا لثقافتنا، من غير حقيبةٍ وجوازٍ دبلوماسيٍّ: تمخرُ عِبابَ القلوبِ كِياسةً، لُطفًا وسعةَ محبَّةٍ، كما تفرضُ حضورَكَ على المنابر بكلمتِكَ الرّاقيةِ الثَّقيفِ، مُرافقًا العارفَ، مُهاديًا خطوَ المبتدئ، مغتبطًا لنجاحِ كُلِّ مُستحقٍّ،لا تصبو من جليلِ مُساندتِكَ والمُتابعةِ إلى جني مكاسبَ، همُّكَ الإِرتقاءُ بالفكرِ ومَن أَحبَّ لغتَنا من بيننا.

شكرًا لكُم من القلبِ يا صديقي الغالي، أَنْ كنتُ أَوَّلَ مكرَّميكَ منَ الـمُقيمينَ في وطنِكُم لبنانَ، بجائزتكَم القيِّمة التي أَفخرُ بنوالِها منكُم لقاءَ مُساهماتي الأَدبيّةِ والثَّقافيّةِ التي نظرتم إِليها والتي جعلتكم تعلنون، أَنّني مُمثِّلكم على صعيد “أَفكار إِغترابيّة” في لبنان، في أَكثرَ من مُناسبةٍ.

عهدي لكم، مع مَن باتوا مُكرَّمينَ مثلي، بنوالِنا جائزتَكُم، أَن نبقى كما عهِدْتَنا، للكلمةِ وأَهلِها ولسَعيكُم المُجِدِّ من أَجلِ إِعلاءِ شأنِ وطنِنا على الصَّعيدِ الثَّقافيِّ أَوفياءَ، مُناصرينَ كفاحَكُم، مُجاهدينَ معكُم، بما فيه استمراريَّةِ مشروعِ “أَفكار اغترابيّة” مُزدهرًا كما نرتأي له معًا وأَنتُم تُريدون.

شكرًا لمُديرِ المكتبةِ الوطنيَّةِ في بيروتَ، الدّكتور حسّان أَدونيس العكرا، فاتحًا أَبوابَ صرحِ المكتبةِ الوطنيّةِ مُستضيفًا نشاطَ مُنتدى “لقاء” معكُم هذه اللَّيلة.

شكرًا لمؤسِّس منتدى “لقاء” الدُّكتور عماد يونس فغالي، مع الهيئة الإِداريّة فيه، الّذين ارتأوا أن أُشاركَكُم بهجةَ مُخاطبتِكُم قلبًا لقلبٍ، آملًا أَن تضُمَّنا أَعراسٌ ثقافيَّةٌ أُخَرُ، على أَرضِ الوطنِ الحبيب.

الشّاعرة جوليات أَنطونيوس

قدمت الشّاعرة جوليات أَنطونيوس الأَديب سليمان يوسف إبراهيم في الاحتفال بكلمة جاء فيها:

بعضُهم ولِدَ وفي فمه مِلعقةٌ من ذَهب، أَمَّا هو فولِدَ وفي فمه قلبٌ. قلبٌ لا يعرفُ إِلَّا المحبَّةَ ولا يقبل إِلَّا بالوفاء.

قلبٌ يتحدَّثُ، يُصغي ويقولُ ما ينبضُ بشرايينه من إِحساسٍ. هو الـمُنهمكُ بالأَدب، الـمُتمسِّكُ بروحانيَّة الكلمة. يفوحُ من حبرِه عطرُ الإيمان وسموّ المجبَّة وعظمَةِ النَّقاء. يقولُ الكثير ويبقى الكثير: فكما أَنَّ القلبَ لا يتوقَّفُ عن الخفقان، كذلك سليمان إِبراهيم لا يتوقَّفُ عن الكتابة. هو مَن حملَ صليبَ الحرف صعودًا نحو جُلجلةِ الحقيقة؛ أو بمعنىً أَدقّ نحو ذُروة الواجب، حيث الإنصهارُ الكُلِّي، أَي الموتُ عن الضَّوءِ ليبعثَ من كلمتِه ماردًا من نورٍ في أَعيُن مَن قرأَهُ ومَنْ عرفَهُ حقَّ المعرفة.

هو القريبُ القريب في كِبَر التَّواضُع، والدَّائبُ في معاصر حبرِه على تقطير الخِبرةِ واستنباط الحكمة الإنسانيَّة من كرمةِ اللّغة. هو المتورِّطُ بالنِّضال مع الحبر إلى أَقصى الجمال. تكاد لا تراه، إلَّا وفي كفِّه بقعةَ حبرٍ يحفظُها وكأنَّه يستمدُّ منها القوَّةَ، وكأنَّها يدُ صديقٍ تُمسِكُ بيده، تتمسَّكُ به خوفًا من الوقوعِ في شَرَكِ المياه. فما كُتِبَ بالماءِ ماءٌ هو، أَمَّا ما كُتِبَ بالدَّمِ والحبر فأَدبٌ صادقٌ، يُدحرجُ حجرَ الجَّهالةِ ليُبشِّرَ بعظَمَةِ اللَّه في الإنسان…

سُليمان إبراهيم، ركنُ “لقاء”، ومُمثِّلُ مشروع “أَفكار إِغترابيّة” في لبنانَ، نشعرُ أَمامَكَ بثباتِ الواقفِ أَمامَ خطِّ الحياةِ،التهيِّءِ للإِنطلاق.

ننتظرُ إِشارةً منكَ، لنبدأ رحلةَ المحبَّةِ والثَّقافة. تفضَّل أَرجوك.

 

 

اترك رد