منذُ ثلاثينَ سنةٍ بالتمام ، غابَ عنْ لبنان ( جلالةُ النّمر كميل شمعون)…
ولا تزالُ “السياسةُ” اللّبنانيّة يتيمةً دمّاعة…!
على مسؤوليتي ، أنقلُ كلاماً للمحامي الدكتور موسى برنْس،صاحبِ الرؤى في البارابسيكولوجيا ، الذي كان يستلِذُ بإظهارِ مهاراته ووساعةِ ثقافته في علومٍ كثيرة…!
كُنّا ذاتَ ليلةِ عملٍ في (جريدة الأحرار) ،في نيسان ١٩٨٧،نسهر ونتداولُ في مجلس الادارة والتحرير ، في آخر المستجداتِ الأمنية ، ( السياسة وحده الرئيس يكتبها ويُمليها علينا) ،حتى نُحدِّدَ ماذا نكتبُ ، وماذا يكون عنوان عدد الغد..
وَإِذْ يدخلُ إلينا الريِّس داني ، مُتفقِّداً ، مُستطلعاً ًو كأنَّه يختبرُ معارفنا ومهنيّتنا…ودارتْ أحاديثُ شتّى، قاطعها داني بأنْ سألَ الأستاذ موسى عن آخر رؤاه وتوقّعاتِه، وهو الذي كان يُتحِفُ المجالسَ بِطُرَفٍ وحلاواتٍ فيها زادٌ وفير..
تنهّدَ موسى ، خلعَ نظّارتَيْهِ ، وتوجَّه الى الريِّس داني وقال؛ والله يا ريِّس انا اريد ان اقول امام الشباب كلاماً مُزْعِجاً لكَ ولنا جميعاًً وللوطن كلّه..!
أَلَحَّ داني و نحنُ أن نعرفَ خطورةَ رؤياه..قال:
إسْمَعْ يا أخي داني ، لقد ترآءى لي في إحدى صَفْناتي الليلية أن جوقةَ ملائكة تحملُ فخامةَ الرئيس وتُحلِّقُ بهِ في الجَوّ،سبعةٌ من اليمين وثمانية منَ الشمال..! وتفسيرُ هذا عندي أنَّ الرئيس قدْ ينتقِلُ الى أحضان (سيِّدةً التلّة) في عمر السابعة والثمانين… وإذا كان صحيحاً ان فخامته مولودٌ سنة ١٩٠٠، فالخوفُ أَنْ يفارقنا هذه السنة..!
وحَلَّ علينا صَمْتٌ أَبْكَمٌ ، وتساؤلٌ أَسْوَدٌ رهيبٌ..!
وفي أواخر تموّز من سنة ١٩٨٧، نُقِلَ جلالةُ الرئيس كميل شمعون بشكلٍ طارئٍ من فندق برنتانيا-برمانا الى مستشفى الروم ، حيثُ قَالَ الطِّبُ كلمتَهُ بعْدَ أيّام وأسلمَ نفسه للرّب، في 7/8/1987 عن سبْعَةٍ وثمانين َ عاماَ من العُمْرِ ، وإثنتَينِ سنةٍ من كرامةِ الدبلوماسية والسياسة النبيلة..!
اليوم َ نستذكِرُ ونَتَرحَّمَ على ( جلالة الرئيس)… ولمّا تزَلْ رؤيا موسى برنس ، في بالِ كثيرين شهدوا وشاهدوا…منهمُ مِنْ رحلَ ، انطوان شويري ، نبيل طوبيا ، موسى وداني …ومنّا من يستحضِرُ ويصلّي..المهندس نبيل ناصيف وأنا وكثيرون اتركُ لهم أن يتذكّروا ويشهدوا…!
تُرى هل هُوَ ( لُغْزُ الأرقام، أن يموت الرئيس في ٧-٨ ، سنة ١٩٨٧ وعمره ٨٧؟؟؟
و سيكونُ لي كلامٌ كثيرٌ عنْ ذخائر أيّامِ العِزّ وقُربي من فخامتِه وما تركه فِيَّ مِنْ بصَماتٍ، لا أزالُ أنهلُ منها…!