عقد في المركز الكاثوليكي للإعلام، مؤتمر صحافي بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، أطلق خلاله فيلم “على خطى المسيح”، إنتاج المؤسسة المارونية للإنتشار بالتعاون مع جمعية “على خطى المسيح في جنوب لبنان”، ومن إخراج فيليب عرقتنجي الذي عمل ليكون فيلما وثائقيا سياحيا دينيا، بمواصفات سينمائية فنية، يحقق الهدفين التسويقي والتوثيقي، ويصلح للعائلة، وينطلق الفيلم في صالات سينما “أبراج” في فرن الشباك في 15 نيسان الجاري.
شارك في المؤتمر رئيس أساقفة بيروت ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، رئيس أساقفة صيدا ودير القمر وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي بشارة حداد، راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، الأمين العام لجمعية “على خطى المسيح في جنوب لبنان” سمير سركيس، المخرج فيليب عرقتنجي، في حضور الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان الإب بطرس عازار الأنطوني، الأب انطوان عطاالله، من المؤسسة المارونية للإنتشار السيدة هيام البستاني، السفير السابق فارس عيد، ومن جمعية “على خطى المسيح” الدكتور ناجي كرم، وشخصيات.
مطر
بداية رحب المطران مطر بالحضور، وقال: “يشرفنا ويسعدنا هذا الصباح أن نرحب في هذا المركز الكاثوليكي للإعلام بأخوينا المطران ايلي حداد والمطران مارون العمار، وهما في بيتهما ويرحبان معنا بكم جميعا، وأيضا بالسيد سركيس والمخرج عرقتنجي يصفتين كريمتين، وإنطلاقا من هذه الصفتين سننتعرف الى جمعية مباركة هي “جمعية على خطى المسيح” التي تسعى بحثا مع أهل التاريخ والإختصاص والأركيولوجيا عن الطرق التي مر بها السيد المسيح في جنوب لبنان والأماكن التي باركها من جبل الشيخ إلى صور وصيدا. وهذا عمل مشكور ومقدس. قداسة البابا يوحنا بولس الثاني قال إن “لبنان هو أرض قداسة وقديسين” أولا لأن الرب زاره شخصيا وباركه في ذلك الزمان المبارك”.
وختم: “هذه الجمعية التي سنتعرف اليها نحن وإياكم مع الأشخاص المسؤولين مباشرة عنها، أوصت بأن يقام الفيلم اسمه “على خطى المسيح” أيضا وهذا الفيلم صار ناجزا وسوف يعرض للمشاهدين في اسبوع الآلام إن شاء الله”.
الحداد
ثم تحدث المطران إيلي بشارة الحداد، وقال: “على خطى المسيح في جنوب لبنان” مؤسسة وضعها أناس مؤمنون بأن أرض الجنوب في لبنان قد داستها أقدام السيد المسيح والعذراء مريم وبعض الرسل كبطرس وبولس. لذا كان الدافع لإطلاق هذه المؤسسة للتأكيد أن الأراضي المقدسة تمتد أيضا إلى الجنوب في لبنان، وقد اعتمدت على الأبحاث العلمية التاريخية والكتابية والأركيولوجية والجغرافية وسواها، لبلوغ حقيقة الأمر بأن أرض جنوب لبنان هي أرض مقدسة”.
وأضاف: “بدأت المؤسسة عملها قبل بضعة أعوام، جامعة بادىء ذي بدء أساقفة الجنوب على مختلف كنائسهم. فوضعتهم في أجواء تحركها كي تكون خطواتهم مباركة من المسؤولين الكنسيين. ثم انضمت إليهم باقة من الاختصاصيين في العلوم المذكورة أعلاه، البعض كأعضاء ثابتين في المؤسسة والبعض الآخر كمساعد”.
وتابع: “إنطلقت ورشة العمل من مطرانيتي صيدا للكاثوليك والموارنة، وفي حضور جميع أساقفة الجنوب، حيث اتخذت المؤسسة مركزا ثابتا لها في مطرانية الروم الكاثوليك. فعملت على جمع المعلومات على كل الصعد وأصبحت مزدانة بأرشيف مهم عن المواقع الدينية الأكيدة بأن السيد المسيح والعذراء والرسل قد زاروها”.
وقال: “حديثا، أطلقت المؤسسة فيلما سينمائيا أسمته على اسمها “على خطى المسيح في جنوب لبنان”. ويشمل هذا الفيلم معظم المواقع الدينية المسيحية التي تثبت أن أرض الجنوب مقدسة”.
وأكد الحداد أنه “يجري الإعداد لمعرض ثابت لصور تمثل هذه المواقع الدينية في الجنوب بشكل قد يصبح متحفا ثابتا يزوره المؤمنون والراغبون في الاطلاع بغرفة او أكثر على مسرح جنوبي كبير ملأته الأحداث والأعاجيب والصلوات بركة وقداسة”.
وأضاف: “تعمل مؤسسة “على خطى المسيح في جنوب لبنان” أيضا على وضع خطة لصيانة هذه المواقع الدينية وإنقاذها من التلف. وكذلك تطويرها لتصبح قادرة أن تجذب الحجاج الى لبنان بكثافة أكبر. وهذا ما شهدناه مثلا في مزار سيدة المنطرة في مغدوشة حيث ساهمت المؤسسة في رفعه على خارطة السياحة الدينية العالمية”.
وختم: “ليت عمل هذه المؤسسة يطال كل مرافق الحياة اللبناني، سياحة دينية أو سواها، وتنظيما إداريا في الدولة والمؤسسات، فنوفر على وطننا كل أشكال الفوضى والهدر”.
عمار
ثم كانت كلمة المطران العمار الذي قال: “كرر الكتاب المقدس اسم لبنان مرارا، ووصفه بالجبل الجميل (تثنية 3/25)، وأعجب بغاباته الكثيفة النضرة، التي تفح منها الروائح الذكية (هوشع 14 : 6-7)، وتلعب بها الحيوانات الطبيعية وتسقيها الأنهر المتعددة.
ولما تجسد يسوع بيننا، لم يرد إلا أن يزور لبنان، ويكتشف بذاته هذا الجمال المميز الذي خلقه الرب ووضعه في هذه البقعة الصغيرة من الشرق الأوسط”.
وأضاف: “إن أرض لبنان التي وطئتها أرجل يسوع، ومن ثم تلاميذه، فالأنبياء والقديسون، إلى يومنا، هذه الأرض تقدست بإيمانهم وبدماء الشهداء القديسين، وبالشهادة الحقيقية للإيمان بالله، منذ فجر التاريخ المعروف إلى يومنا. إن أرضنا هي أرض الأنبياء الذين حملوا كلمة الله وزرعوها في كل تلة وواد فأثمرت ثمرا مباركا، فالواحدة أعطت ثلاثين وستين وتسعين ومئة. لم تذهب رائحة أقدام يسوع من أرضنا وكلماته ما زالت تردد في فضائنا، وعجائبه غمرت أهلنا. فالقديسون الذين عاشوا في أوديتنا وجبالنا ما زالت صلواتهم من أجلنا تنعكس عجائب كثيرة لا تعد ولا تحصى”.
وتابع: “إن يسوع يفاضل إيمان أهل صور وصيدا على إيمان المدن التي جرت فيها أكثر عجائبه، ليقول إن صور وصيدا قابلتان للتوبة والإيمان أكثر منها. ونأمل أن نتعلم من إيمان أهلنا الذي عظمه يسوع وفضله على إيمان مدن طبريا. وعلى مر السنين، أضافوا إليه الكثير من خبرتهم الروحية، خلال سكنهم في أرض صور وصيدا ولبنان. علينا أن نكتنز من قداستهم لنستطيع أن نتابع المسيرة التي سبقونا إليها، ونتيقن أن الأرض التي مشى عليها يسوع وتلاميذه هي أرض وقف ليست للتجارة بالغالي والرخيص، بل هي لورثة القديسين الذين شهدوا عبر الأجيال أن الإيمان بالله المخلص، والعيش حسب تعاليمه، ومحبة القريب والبعيد، هي الركائز الأساسية التي علينا اتباعها لنستحق أن نرث هذه الأرض المقدسة”.
وختم عمار: “إننا نشكر جمعية “على خطى المسيح” وكل ما تقوم به لكي تظهر أهمية هذا التراث الذي لا يتغير ولا يتبدل، بل يبقى عبر الأجيال مقدسا بمن قدسوه ومقدسا لمن يؤمن بقداسته. شكرا على الفيلم الذي وضعوه بين أيدينا، لكي نكتشف كنائز وطننا ونعلم أجيالنا حقيقة ما يملكون من نعم وخيرات روحية لا تثمن. وشكرا لكل عمل يقومون به، يرفع اسم وطننا وكنيستنا على مستوى الأخوة الحقيقية والإيمان المحيي”.
سركيس
بدوره قال السيد سمير سركيس: “تأسست جمعية على خطى المسيح في جنوب لبنان سنة 2012 من علمانيين برئاسة معالي الوزير ميشال اده. وهي تعمل منذ نشأتها برعاية اساقفة الجنوب من كل الطوائف ومن اهدافها تعزيز السياحة الدينية في الجنوب مرتكزة الى البعد المسيحي والروحي.
وتعمل جمعيتنا على ان يكون لبنان ارضا مقدسة والتأكيد ان المسيح كان ايضا رجلا تاريخيا على علاقة وثيقة بلبنان الامس، مما يتطلب منا إعادة كتابة تاريخ بلد الارز من هذا المنظار المضيء”.
أضاف: “لا بد من الاشارة الى أن جمعيتنا تعمل بالتعاون التام مع المؤسسة المارونية للانتشار، وكانت الداعمة الدائمة لكل مشاريعنا وكذلك مع جامعة الروح القدس – الكسليك. ولقد قامت هذه الجمعية حتى تاريخه:
أولا، بمسح أثرى في قانا (بالتعاون مع مديرية الاثار في وزارة الثقافة اللبنانية) والذي اثبت ان مدينة قانا كانت مأهولة بالسكان في زمن المسيح. وستقوم جمعيتنا بالتحضير لمؤتمر دولي حول قانا. ثانيا بالعمل على الاعتراف بسيدة مغدوشة، “سيدة المنطرة”، من قبل الكرسي الرسولي ودوائر السياحة العالمية كمحج مريمي عالمي. وثالثا بتصوير فيلم وثاقي “على خطى المسيح” من انتاج فيليب عرقتنجي وبدعم شخصي من رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الصديق شارل جورج الحاج الذي آمن بهذا المشروع منذ اليوم الأول لاسيما وأنه يكمل دور المؤسسة التي تسعى الى التواصل مع المنتشرين لتعرفهم على تراث بلدهم الأم ولتعزز افتخارهم بلبنان الذي وطأ أرضه السيد المسيح”.
وختم سركيس: “تجدر الإشارة الى أن المؤسسة المارونية للانتشار سوف تقوم بترجمته الى لغات عدة لتوزعه لاحقا على مكاتبها في بلاد الانتشار وعلى كل الأبرشيات والمؤسسات الاغترابية. وأود أن أذكر أن البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الارشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان”، صنف لبنان أرضا مقدسة”.
عرقتنجي
ثم تحدث المخرج فيليب عرقتنجي عن الفيلم قائلا: “تنطلق في صالات سينما “أبراج” في فرن الشباك في 16 نيسان الجاري عروض فيلم “على خطى المسيح”، وهو عمل أنتجته جمعية “على خطى المسيح في جنوب لبنان” و”المؤسسة المارونية للانتشار” مع Fantascope production للمخرج فيليب عرقتنجي، ليكون فيلما وثائقيا سياحيا دينيا، الذي تولى إخراجه بتكليف من الجمعية وحوله إلى فيلم بمواصفات سينمائية فنية، يحقق الهدفين التسويقي والتوثيقي، ويصلح في الوقت نفسه ليكون فيلما للعائلة”.
أضاف: “لقد أدخلت إلى المضمون الوثائقي رابطا روائيا يجمع مختلف فقراته، يتمثل في رحلة بالباص لتسعة تلاميذ في صف المسرح مع ثلاثة من معلميهم، يتبعون فيها مسار المسيح في جنوب لبنان، والمحطات التي مر فيها، على نمط الـRoad movie الذي سبق أن اعتمده عرقتنجي في فيلميه “بوسطة” و”تحت القصف”، على مدى ساعة و17 دقيقة، يأخذ عرقتنجي المشاهد وركاب الباص الإثني عشر، على عدد تلاميذ المسيح، في مشوار استكشافي يبدأ في قانا، ثم تتوالى محطاته، من القليلة حيث مقام النبي عمران، إلى صور ومواقعها الاثرية وبقايا مرفأها القديم وكنيسة سيدة البحار، ثم قرى رأس العين ومارون الراس وتبنين”.
وتابع: “لقد اكتشفت جزءا من لبنان لم أكن أعرفه، غني بالتاريخ في كل بلدة من بلداته، وهو تاريخ بعضه مكتوب، في الإنجيل وغيره، وبعضه الآخر تراث شفهي تتناقله الأجيال، عن يسوع الذي مر في هذه الأرض، وعن مريم العذراء ووالدتها القديسة حنة. إبراز هذا التاريخ هو هدف الفيلم”.
وقال: “في بعض محطات الرحلة، جسدت أعجوبات المسيح الواردة في الإنجيل، كعرس قانا الجليل، بمشاهد تمثيلية مسرحية أداها التلاميذ التسعة بإشراف معلميهم الثلاثة (ستيفاني غفري وشربل عون وسارة عطالله). وساهمت هذه المشاهد، مع مشاهد الأولاد وهم يلعبون أو يتصرفون بشقاوة أو يتحادثون قبل النوم، في كسر الرتابة التي كان يمكن أن يولدها السرد الوثائقي التقليدي.
أردت أن أعتمد في الفيلم على الأطفال، لأنهم وحدهم، ببساطتهم وعفويتهم، قادرون على أن يجسدوا بكثير من الصدق، روحية مرور المسيح في هذه الأرض قبل ألفي عام، والأعجوبات التي حققها، هو الذي قال “دعوا الأطفال يأتون إلي”.
أضاف عرقتنجي: “اعتمدت لغة سينمائية راقية، تمتزج فيها الكادرات التصويرية المميزة مع الموسيقى الملائمة وأصوات الطبيعة، إضافة إلى سيناريو عفوي، من كتابة ريمون أفتيموس وميرنا منير ومايا نصار وفيليب عرقتنجي، تتخلله لحظات تأمل بنصوص بسيطة ومؤثرة، شديدة الروحانية من دون أن تكون دينية”.
وختم: “حاولت في الفيلم أن أعبر عن اعتزاز اللبنانيين وتأثرهم بكون المسيح مر في أرض لبنان”.
أبو كسم
واختتم المؤتمر بكلمة الخوري أبو كسم الذي قال: “الفيلم هو علامة رجاء مسيحي لكل إنسان في هذا الشرق، وهو يعود كما يمثله الأطفال لوضع الفكر بأننا نحن أبناء هذا الشرق في قلوب أولادنا، والقيمة الكبيرة هو تعليم الطفل في المدارس عن هذا الإرث الكبير وهو سيدنا يسوع المسيح والرسل الذين عاشوا في هذه المنطقة”.
وأضاف: “من خلال هذا الفيلم نعود إلى 2000 سنة وأكثر، نشعر بمحبة الله الكبيرة، تجسد على هذه الأرض، وهذه علامة حب وسلام، ويخطىء من يظن أن هناك خوفا على لبنان وعلى المسيحيين، لأن الله بارك هذه الأرض، هي أرض الله والقديسين وأرض وقف للرب في هذه المنطقة.
وكما قال سيدنا مارون، نحن حبة حنطة تموت في الأرض ولكن تعطي ثمارا كثيرة، كنيستنا كنيسة الشهداء، تعيش على دم الشهداء، وبالتالي نحن نعيش هذه الرسالة في هذا الشرق رسالة المحبة والسلام وندفع ثمنها من دمنا وشهادة أولادنا”.
وختم: “هذا الفيلم يؤكد لنا أننا لسنا أقلية في هذا الشرق، المسيحية انطلقت من هنا، المسيح مشى على أرضنا، على أرض صور وصيدا وقانا، والعذراء نذرته في مغدوشة، وهذه الأرض ارض مقدسة ونحن لن نتخلى عنها”.