كيف أكتب عن مارسيل خليفة وجديدِهِ مع عبير نعمة: “غنّي قليلاً” من دون الوقوف بصمت، يملأهُ التأمّل؟
كيف لا أدفع زر تشغيل الأضواء إلى الأعلى، كيلا تفوتني بوصة واحدة من صندوق الجمال، الضّٰام تنويعات شائقة، أصيلة، كاشفة لُبّٰ المعطى الموسيقي الغنائي، الشرقي العربي، بل الذي يحاكي العالمي في بعض الجوانب حتّى النّواة؟
كيف يمكن اقتحام عالم من لا يهدأ ولا يستريح صاحبه، ولا يغمض له بصر ولا بصيرة مستريحاً عن المحاولة، والتجريب، والتفكيك؟
كيف لباحثٍ أو لمتذوّقٍ أمين، ماكرٍ، صعب المراس والقياد، أن يقف على ما كتٰبٰ وما صاغ من ألحان في هذا العمل، من دون الأخذ بالاعتبار تجربة هذا الفنان الذي وكأنّه يقول: الموسيقى والغناء صنوان عظيمان، وليس من حق المنتفعين ولا المتاجرين، ولا هواة التبرّج والتانُّق والتمظهر الإعلامي أن يلمسوا ثوبهما الناصع البياض، الذي لا يمكن لأحدٍ أن يُخفي على قماشته ولو لمسة، ولا شحطة قلمٍ ولا حتى بعض لهاث؟
إنّه العمل الصّعب، بل المعقّد أن نقتحم عالم الجمال المُطلٰق-وأعني الموسيقى والغناء-هذان المتلازمان، المتناسلان، الخالدان، الّلذان لم يتردد عالِمٌ، ولا فيلسوفٌ، ولا شاعرٍ بحق، ألّا وامتدحهما ووقف هيّاباً، حتى ذهبت بعض الشعوب إلى عبادتهما؟
هو الشّغل والانهمام والإخلاص. هو الشعور الدائم بالحاجة إلى شيءٍ مفقود، لا نعثر عليه إلّا بالنهوض من أماكن استراحتنا، والانخراط في البحث المُضني عنه. هو الذي لا يكتمل إلا بالوعي والثقافة، والإيمان الراسخ بأننا سنخسر مهما أفلحنا. رغم ذلك فإنّ دافع الرّغبة في تحقيق شيءٍ من الهدف يظل يحرّضنا على التجرؤ والمشاكسة. رغم ذلك فإن شهوة اكتشاف اللذائذ عن طريق الإخصاب الفكري والروحي، الوجداني تفوق مُتٰعُه مُتٰع الانتشاء الحسّي، المجرّد، المتكرر منذ البدء، حتى اليوم. إنه الاكتمال العميق بتسليمنا ورضانا المشتعل بعدم الرضى بالهزيمة، بشعورنا المسبٰق أن حياتنا، استمرارنا هي ما يكمن في عدم اكتمال البحث الذي مهما حاولنا فإنه لن يكتمل.
قد يتساءل كُثُر: لماذا كل هذه المقدِمة قبل الشّروع في الكلام، فأقول: إنّه كلامٌ ليس للمديح، ولا للإطناب، ولا لتفخيم الفارغ من المضمون ويلزمُهُ التزويق والنّفخ بالسيليكون، والسيراميك والتيتانيوم، وغيره من مكمّلات صناعة الوجوه والأجساد، وتجميل القبائح. لا، بل هو محاولة في رصد ونبش الحقيقي، الأصيل، المقتّر النبيل، الجريء، السّاعي خلف هٰمٍّ لا يخمد، ولا يستكين. هٰمُّ الإصغاء العميق لأعمالٍ موسيقيّة ما عدنا سمعنا بجِدّيتها، ولا بمحاكاتها لنوازعنا نحن العرب، ولا كلّ من يضمّهم الإقليم الشّرقي، وبعض دول البحر الأبيض المتوسط.
فمنذ غياب القصبجي وعبد الوهاب، وعاصي الرحباني، وانقضاء مرحلة إديث بياف وجورج براسنز وأنريكو ماسياس، وبافاروتي وأم كلثوم يستمر سهم الخلق والتطوّر في المجال الموسيقي الغنائي العربي والعالمي في الأفول. وما نكاد نعثر على بارقةٍ من هنا أو من هنالك، فنقول: أهلاً بالأمل، إلّا لنرى صاحبه وقد جرٰفه سيلُ الاستسهال والرّواج وأغرقه تيّار الصّعود والشهرة والكسب. خصوصاً وأنّنا نتكلّم عن مارسيل خليفة. فنّان ما استراح ولا مال إلى الاسترخاء منذ بزوغه. فهو وفي بدء انفتاح مشروعه لم ينسٰ رفاقاً آمنوا به وآمن بهم، بل راح كل منهم يشد من أزر وعزيمة الآخر، اقتناعاً منهم أن الجمال هو الموسيقى والغناء. وأنه بدونهما لن تٰرُق ولا تتهذّب النّفوس، ولا يُضاء على نُتٰف الألوان والأنوار التي تبْذُرُها الألآت الموسيقية، وما تخلّفه وراءها من أصداءٍ وترجيعاتٍ، تحفر عميقاً في النّفوس، تؤسّس لبنيانٍ متينٍ متماسكٍ، عصيٍّ على الزّوال.
ولم يقتصر نتاج مارسيل على الاهتمام بنفسه فقط، فقدّم طوني وهبة، وأُميمة الخليل، وشربل روحانا وغيرهم.
وها هو الآن يقدّم عبير نعمة، الصوت-الّذي أحسب أنه آتٍ من سنوات الدراسة الأكاديمية (فينومينولوجي)، ومن هواء مناخات قِباب الكاتدرائيات والإنشاد السّرياني، البيزنطي، فحرّرٰهُ مارسيل من أسر الديني، مفضياً به إلى رحاب العربي المؤدي قفلات تُظهر ما لا يسمح به المناخ التبتُّل، التّراتيلي الصارم. مفضياً به إلى الموشّى بالأندلس، وحواضر بلاد الشام: حلب، طرابلس، وجنوب تركيا واليونان، إلى أراضي الغناء المعبّر عن الهٰم الجمعي، اليومي المعيوش، المتوائم، المتواشج مع محيطه، غير المنفصل عن عالمه. مع مارسيل بدا جليّاً باذخاً
صوت عبير ، لا يحتاج المستمع العادي لقُدراتٍ كبيرة ليعرف أنّه خضع لمدرّب فائق المهارة، حتى صار مِطواعاً، موجوعاً بشؤون وهموم الناس، وقد أشقاه نٰعٰم طول انتظار مدة الإقامة في أرض الغناء الدّيني، ليُحلّق، ويُرفرِفٰ، ويُزقزق في فضاء حُرٍّ، لا يعترف بالأشكال ولا بالتقسيمات، مضبوطاً-في وتحت-قبضة قائدٍ خبيرٍ، صارمٍ، لكن بحُنو ورعاية المُربي المتعٰب مع من يصطفيهم ويفضّلهم من أبنائه، كدّاً وسهراً وتوجيهاً، والمتعِب لهم أيضاً، ضابطُهم، مقوّم اعوجاجاتهم.
صوت عبير نعمة تسمعه مرّاتٍ ومرّات، ولا يقول لك: كفى. ولا أنتٰ إذا كنتٰ ممّن تعنيهم الجمالية، والأسلوبية المغايرة، المعترضة على فضاء مكتظ بالأصوات والأعمال الممغوطة، المتكرّرة، المملّة لانحدارها، وابتذالها تكتفي بالإنصات إليها مرة عابرة فقط، بل يمسك بك بقبضتيه قائلاً: إسمعني، وستفعلها وحدكٰ مرّاتٍ ومرّات.
نعم، إنه مناخ السّماع، الذي يحيلك إلى إيلاء جميع المشاركين في طلوعه إلى عالم النور احترماً وعناية، سواءً من الشّعراء الذين كتبوا، أم من العازفين الذين نفّذوا، أم من التقنيّين: استوديو، وآلات تسجيل، أم إلى مُفكّره، مهندسه الأكبر، ممهّد أرضه، مُسوّيها، وواضع رؤياه الموسيقية الغنائية، الأوركسترالية، المتوهّج المكتنز بالرؤى والتواضع مارسيل خليفة.
أربعة عشر عملاً ضمّتها المدموجة الجديدة(C.D) كلها من ألحان مارسيل، ما عدا “طلعت يا محلا نورها” من أعمال سيّد درويش، و: “الحنّة” لبديع خيري، وهما من الفولوكلور المصري. وقد قدّمهما مارسيل بتوزيع جديد، وأداء مختلف. رغم أن هاتين الأغنيتين من أكثر الأعمال الفولوكلورية المصرية العربية، استعادة وتكراراً، لما تحملانه من إغراءات، سواءً في اللحن أو في الكلمات.
أما باقي أعمال الاسطوانة فتوزّعت على النحو الآتي: ” الموسيقى، مزمار، راجع، هيدا إنت، ما أجمل الحب، بعتلك صوتي، اكتبني قصيدة، طفولة، علّليني، يا مريم، فكّر بغيركٰ، غنّي قليلاً”.
تتفاوت قوة الإيحاءات والتعابير في القصائد( كلمات الأغاني)، وفي ما حٰمٰلٰتْهُ أو -في ما ينبغي بها أن تحمل- من رؤى وأحلام وكشوفات تؤسس لمستقبلٰي الموسيقى والغناء اللبنانيّين خصوصاً والعربيين على نحوٍ عام.
إلّا أن تقييم الأعمال هنا لا يختلف كثيراً عمّا سواه في الأعمال الأخرى المشابهة. ففيها العادي ومنها الجيّد وفيها المتوهج جداً، المضيء الكاشف عن جديدٍ، جميلٍ أخّاذ إلى درجة الحب والوقوف والتأمّل والأمل في الوقت نفسه.
التأمّل الذي يُفتّح في التّلقّي وفي الفكر مغاليق، لكثرة ما أسالوا على مزاليجها من زيوتِ غناءٍ وموسيقى محروقين، كٰرِهٰ المقيمون في الداخل فتح النوافذ والشبابيك والأبواب، على ما يأتي من صوب حٰمٰلة راياتها. بل على المتجرّئين على اقتحام عالمها الشّفّاف البريء، وبلا عُدّة، بلا رؤية، بلا أهداف ما عدا السعي إلى الانتشار وحُب الظهور والكسب السريع. والأمل الذي من خلاله تُعاد الثقة من قِبٰل المتوارين في منعزلاتهم، بأهل الفن والجمال والإبداع، أنهم في طريقهم إلى العمل لبناء مشروعٍ جديد، متنوّر يحفظ للأجيال دورها الحضاري، الذي من خلاله نواجه الكثير من تحديات الظلام والقحط المهدد حضارتنا بالانقراض.
“الموسيقى” وهي التي تأخذ قالب الـ”ديّو” يغنيها مارسيل وعبير، وكتبها قاسم حدّاد: “الموسيقى التي تتناول العشاء معنا،…تتسرّب إلينا من تحت ألحِفٰتنا، في هذه الموسيقى انتظريني” يقول المغني، وترد المغنّيٰة: ” في هذه الموسيقى أنتظركٰ”. لا أعرف إذا كانت القصيدة قد كُتِبٰت في الأصل في إطار الثنائي” ديّو” أم أن الملحّن شاء لها ذلك. وفي الحالتين فإن ” المقام الكبير ” ونسميه “العجم” حين يقول المغنّي: ” في هذه الموسيقى انتظريني” مؤدياً إيّاه من درجة ال” دو” المتوسطة، وهي المقام العالي الذي أخذ حبيبته إليه، وهي نقطة العودة إلى نقطة المنطلٰق الأساس، التي هي جواب المقام المبتدىء من ال”دو” المنخفِضة، هادفاً إلى جعل المستمع يشعر أنّ القائل يقول ذلك لحبيبته وهو مفارق إلى شغلٍ ما، أو إلى أرضٍ أخرى أو إلى عالمٍ آخر. سائلاً إيّاها أن تنتظره في عالم الجمال، في غابة أحاسيس لا تنطفىء ولا تنحسر، بل تظل متدفّقٰة. كأنّ القائل ” انتظريني ” وهو يعلم أن ذلك مفقود، أو هو آيلٌ إلى الفقد، في زمنٍ تغلب عليه اليوميات الخشنة. وهنا في عمل الشاعر وفي عمل الموسيقي يكمن الكثير من إبداعٍ وجمال وطقوسٍ عايشتنا وعايشناها، تكاد تنقرض في عالم اليوميات الخشِنة.
“مزمار” هذه الكلمات التي رأى مارسيل أن يصوغها تلحيناً في إطار الموشّح، هذا الطّراز الغنائي الأندلسي البديع، العريق، البالغ الإيثار. هذا النوع الذي لا يزال الباحثون والنّقّاد كُلّما ذكروه يذكرونه بكثير من الاحترام والمحبة والبهاء. وهو شأن نفتقر إليه في أعمالنا الموسيقية الغنائية الحديثة.
طمح مارسيل حين أسبِغ على هذه الكلمات عباءة ” الموشّح ” رائياً فيها أنها في مسارها الكتابي، وفي متنها وفي حواشيها تحتمل التّمغيط، على متن إيقاع “السّماعي الثّقيل” الذي يتوخّى في إطاره الداخلي، وفي أغراضه العامة أيضاً الترنّح والانتشاء والطّرٰب، وتنحمل الكلمات في اللحن على تعبيرية تتّسِق مع انسراحة ال: “دم دم تك” وهي ما يسمونه وُفق المتعارف عليه موسيقياً “النّبْرُ القوي” التي يحتوي عليها، وهي في الغالب مسيرها إلى الفرح والهزج، في حين أن الكلمات تجاهر بالحزن والانطواء، والإيغال في الاختفاء والسواد: ” أنحتُ مزماراً من عظامي، يغني اشتياقكٰ،…لسد ثوب الكينونة”. كلمات أكثر ما فيها يبعث على تصوّر الألم، والحزن، والبكاء والجنائزية. وكأني بمارسيل شاء لها الخروج عن طورها البديهي محاوِلاً منحها بعض الحياة.
“راجع” التي كتبها طلال حيدر، ولحّنها مارسيل على إيقاع: ” الزّفّة ” وكأنه العائد الراجع قادمٌ من سٰفٰرٍ طويل، بعد غيابٍ قسري ومكابدات، تُرٰنّمُه التشيلّلو كأنّها الرباب، نشيجٌ يسفح وجعاً. ومِن لُجّة هذا البُعد ينخطف الإيقاع مُبدياً فرحاً، محمولاً على آلات النفخ “نحاسيّات” فيتعٰير الإيقاع إلى هازجٍ مشاكسٍ فرِح بقطاف اللوز والجوز، موحياً بظلالٍ وأمطار. وتنبري الترومبيت تعلو، تتهافت شغوفة بإعلام الكل بعودة الغائب وإعلانها.
“هيدا إنتٰ” فيها الفرح الريفي اللبناني، المظلّٰل بطقس الجبال المضمّخ بالانتعاش والطلاوة، الذي تشتهر به جبال لبنان في عز الصيف. يلعب الإيقاع فيها برشاقة، بخفة، حيث يبدو ضابط الإيقاع وكأنه أحد السّهارى في ليلة أنس. ينهمر الإيقاع منتفِضاً، لاعباً المقسوم، بسيطاً، وكأن إحدى البنات نزلت لتوّها إلى حلبة الرقص، تملأ لمّة الأصدقاء بهجة وفرحاً.
“ما أجمل الحب” إنها القصيدة، الأغنية، العمل. الشّغل الذي يحاكي كل أوجاع البشرية، كل تعبيريتها، حُرقاتها، ولٰعها، وأجواء انزياحاتها التي ليس في إمكان الرائي العادي رؤيتها. إنها العمل الذي قدّم فيه زاهي وهبي ما يسمّونه ” الكشف”، وهو في ترابيّته والتصاقه بالأرض بالإنسان يقول ما دأبت البشرية على جعله يتلاءم، يتعاضد، يندغم، لكنّ ذلك لم يحدث. وها نحن نراه هنا يخرج من عباءة أسرِهِ الأزلي، فيغدو الرّمز جميلاً في حالات الحب والفرح والألق، ورسولية التوظيف للتعبير عن الوجد والغرام بين العُشّاق والأحباب، وهو أيضاً كذلك في حالات الحزن والفجيعة والشهادة، ومٰنحِ الأوسِمة للمتفوقين والمنتصرين والمستشهدين: “أمُدُّ يدي صوب وردةٍ في سور الغرباء،…يعترضني ضريحٌ جديد، ضع وردتك هنا، هنا،…لم أكتفِ من رائحة أهلي،…كيف تُصلِح الوردة ذاتها للحب والجنائز. يا ألله يا ألله”.
في هذه القصيدة ترتقي في تقديري رؤيتا مارسيل وزاهي لتبلغا مدىً من البهاء والروعة والزهو، يسعى إليه الشعراء المشتغِلون المقتولون فوق الأوراق كتابةً، والموسيقيّون الذين يقتات الاكتمال والإبداع من أعصابهم وتركيزهم المُضني الهالك لأنسجة الروح والدماغ وهم يطاردون الابتكار.
وبمًضوعيةٍ وحيادٍ مجرّدين ككاتب وموسيقيّ أقول: ليت لي هذه القصيدة شعراً، وليت لي أيضاً هذه الأغنية موسيقى وغناءً.
في “ما أجمل الحب” يلعب التشيلّلو، أو الكمان بالقوس المقلوب وكأنه الرّباب من مقام (راست) مقلّباً كل أحزاننا نحن أهل الأرض المنكوبة بالحروب والصراع والذهاب إلى الصعب، الجارح، بل الأليم القاتل إلى درجة الاستشهاد. ليبلغ الغناء عند “يا ألله” أوج ندائه الصّادح، الشّاق عنان السماء، كي يصل، ولا يصل. وعلى إيقاع “النّوبٰة” الصّوفي ينحمل النّداء قاصداً “ألله” حيث الخلاص، في الكل في الّلامحدود، الّلامُنتهي. حيث الجماعات والأفراد، حيث الالتئام والتّفرّق، حيث لذة الضّعف بالزهد، بلذة الأوجاع ولا قوة تلوح في أفق المحروم.
“فكّر بغيرك” قصيدة محمود درويش، الذي هو ومارسيل منحا الذاكرة العربية والأجيال الحديثة ما يجعلها تُقبل على حاضرها وواقعها متمسّكة به، رغم هٰوْل وفداحة ما وصلت إليه من تٰرٰدياتٍ وانحدارات: “وأنتٰ تُعِدّ فطورك فكّر بغيرك”.
حصّن مارسيل ومحمود ساحات تلقّينا العربية بالكثير من الأعمال المهمة، المؤثرة-كما هذه القصيدة-العصيّة على النسيان والاندثار. وها هي”فكّر بغيرك” يذكّرنا بها مارسيل. وكأني به يقول: إنني وبقدر حرصي وحبي الكبيرين على تقديم الأصوات الجديدة، وتقديم أغاني الفرح والبساطة، كذلك أحرص على جعل الشعر العربي الفصيح، الذي رافق أجدادنا وآباءنا، ورافقنا نحن أجداد المستقبل أن يظل حاضراً مستساغاً مفهوماً ومقبولاً منّا ومن أجيالنا القادمة. جديدك هذا يا مارسيل هو
جديدٌ يحمل عدة الكشف، ويذهب بنا عميقاً، قائلاً: أنا هنا معكم، سنظل في خدمة الحقيقة، الأصالة، نحمل المقشة لطرد الأوبئة عن عالمنا وتراثنا الإبداعي العظيم.