الشاعر و الروائي والاعلامي الفلسطيني الذي أبصر النور في بيروت وكانت صرخته الاولى فيها ، عاد الى رحمها بعد عمر ٍ من الغربة والمنفى ..
“يا بيروت ..أوهمت العالم أنك أمي ففتحت ذراعيّ اللوز وقلت أشمك حتى آخر أنفاس البحر ..”
المغيب الناجي من التأويل ، “شّق” البحر في لحظة الشوق ، تبعثرت ملامحه ، لفهّ وشاح الوجع ،”تلفت ” أعصابه ، رافقه الحرف في أشجانه وأفراحه ولم يفارقه لحظة ! في كل يوم عاشه في الغربة ، كان يناشد أوراقه الاّ تذبل ، و ان تواجه الرياح العاصفة وتحفظ كل حرف كتبه بمداد القلب ، بحبر الروح و بدمعة الوجع ..
“ايها الحلم أمطتيتك ، فلا تدع ضجيج الوجع يكسر صهيلك ..”
نعم .. هو الحلم الذي سيتحقّق بالدم المقدس النقي ولا شيء غيره! حلمٌ يأخذه الى الوطن ، هو المعذب المهجر ،الذي لا يحمل أوراقاً ثبوتية تدل على مكان انتمائه .
الوطن الذي يحياه في حروفه وقصائده ورواياته وأشعاره وكل نفس من أنفاسه .
“انتظريني ..كأن قدومي اشبه بالمستحيل واحمليني ، فكرة عصية على التأويل ، واحضنيني،بين وردة على نهد فجر و بين ثغر مبلّل بالهديل .. ”
انور الخطيب ، الشاعر المرهف ،العائد من غربته ، يبحث عن امرأة قادمة من المستحيل، يحتاجها كأمه البعيدة ، لترضي غروره وتملأ ثغراته بمزيد من الارتباك ..
انور الخطيب عاد ليكون قرب ” رحم أمه ” الذي لم يغادره قط !
ليرضع منه علّه يشّد مفاصله ويصلح أعصابه التالفة ويشفي ذاته من أوجاع كثيرة ..
“أماااه ..يا شوقي المزمن .. ها قد عدتُ يا رعشة روحي وقلبي المستدام ..”
تكاد شرايينه تنفجر كبركان وترمي حممه الملتهبة شوقاً وحنيناً ، والحارقة لهفة ً وفرحاً لمستقبل مجهول ، لبداية جديدة ، لهواء جديد يستنشقه كل صباح يحمل معه رائحة الأهل والاصدقاء والأحبة وكل من انتظر عودته ..
هنيئاً ” للوطن الثاني ” بعودة ابنه ..
هنيئاً للشعر بعودة ” سيده ” ..
وهنيئاً لنا بك بيننا ايها الشاعر الخطيب !
ستحلو الأمسيات الشعرية في لبنان بحضوركَ الراقي ومشاركاتكَ القيّمة .