في الحبّ (رسائل مهرَّبة) 36

  تذكرين؟

        ونحن عائدان، ذاك الّليل الأهْوج، وقد فاض، فينا، الحبُّ، مُسيطرًا على الحواسّ والأحلام، بإمعان طرحتُ عليكِ السّؤال:

        – وحيدتي! ما الخطيئة!؟

        قلتِ، من دون طويل تأمّلٍ، كأنّكِ فكّرت، من كثير وقت، في هذا الموضوع المُهِمِّ والشّائك:

        – حبيبي! ألخطيئةُ؟ هي أن تفعل، بإرادة منكَ، واعية أو منجرفة، ما لا تريد!

        – أوضحي!

        – أو… بغير إرادة، بالقهر! مَن يخضعْ يقعْ في الخطيئة، حبيبي!

        أخذني الصّمتُ. أردتُ أفكّر. سبقني قولُها المتألمُ الشّاكي:

        – كأن تتزوّج بمَن لا تريد! كأن تعملَ في محيط لا تتجانس معه! كأن تسكنَ في منزل لا تُحبُّه! كأن…

        وأتبعتْ قولتَها هذه بنهدة صارخة من الأعماق، ترافقُها دمعتان حارقتان خفيّتان.

        شَرقتْ بالدّمع. عضّتْ شفتها السُّفلى، ماسحةً عينيها بظاهر سَبّابتِها اليُمْنى، مُختلِجةً بنَهدة وشَهقة، وغصّت بألمٍ عميق، واختنقت بصمتٍ وفير.

        مسحتُ، بحرارةٍ وحنان، خدَها الأيمن بظاهر يُسراي، لأنّها هي مَن يَقود، همستُ:

        – لا تضعفي، أنتِ القويّة! أنتِ لم تُخْطِئي. ظروفُكِ ظلمتْكِ. ألمظلومُ لا يقعُ في الخطيئة. ألظّالِمُ خاطِىء. المتكبِّرُ خاطِىء. ألمغرورُ خاطِىءٌ، والحاسدُ، والحاقِدُ، والنّمّامُ، والشّرِهُ، ومشتهي ما للغير، ومُتَمَنّي السّوء للآخر…

        إلتفتتْ إليّ بعينيها الخصبتَي الأحلام، العميقتَي الآلام، فاض حنانُها:

        – وحيدي أنتَ!

        – هل تتمنًّين سِواي!؟

        إبتسمنا معًا، ومعًا صعّدنا زَفرةً بركانيّةً، ونَهدةً خلاصيّة!

        كلانا واثقٌ من أنّه خلاصُ الآخر!

        كلانا واثقٌ من أنّه كمالُ الآخر، وكِفايتُه!

        كلانا صادقُ الحبِّ، قويُّه، غنيُّه، عميقُه!

        همسْتُ، صادقًا:

        – وحيدتي! لا تخافي! ألخطيئةُ نُقْصانٌ في نِعْمة الحبّ!

ألأحد 12- 4 -2015

bbd7

اترك رد