قراءة في ديوان “سحابة لم تجد ارضا لتمطر” للشاعر لامع الحرّ

f3666  michelime mbarak- june

ثمة كتب لا تحتاج الى مقدمات، تدخل حروفها ببساطة الأسلوب وعمق المعنى مباشرة الى القلب، وتكتشف بأنك تسبر أغوار كلماتها للمرة الأولى على الرغم من أنكما تقابلتما مرات عديدة.

أتكلم عن ديوان الكاتب والشاعر لامع الحرّ “سحابة لم تجد ارضا لتمطر” الصادر عن دار نلسن للنشر 2019.

في الحقيقة لستُ بصحفية لاكتب عن الكتب الصادرة حديثا ولا بناقدة لأفند ما جاء في الديوان، انما على الاقل قارئة متذوقة للشعر، فكيف بالحري إذا كان شعرا يحمل في طياته سُحباً مليئة بأمطار الحبّ والوجدان، نابعة من أرض العشق، يستلّ من ندى الفجر أشواقاً لتمطرها علينا قصائد مضرجة بالحنين، بالغياب، بالانتظار على نفوسنا الظمأى إلى الشعر الجميل.

وكيف بالحريّ إذا كان الإهداء إلى الشاعر الكبير شوقي أبي شقرا “الذي يتألق في زمن الافول العظيم” على ما جاء في الاهداء، وهنا أشير إلى ما قرأت في شوقي أبي شقرا يتذكر عندما كتب عن لامع الحرّ: “… في ممارساته الشفهية والكتابية ليس إلاّ الناظر إلى أنه الفتى المشتاق إلى أنه الصبّ الذي له عنده وله ناره تعصف فيه وتبلغ الفضاء ببلاغة وطلاقة على التعبير والوضوح…”.

lame3

خلف هذا الفضاء، توغلت آيات قصائده، وانسكب الدمع وحيدا يبحث عن امرأة، عن ملاك رحل وإن لم يرحل.

يحوّل شاعرنا في ديوانه الجديد هذا عذابات النفس البشرية اإلى جماليات واحلام نعبر نحن القراء على متنها إلى تجليات الحب النبيل والاحساس الصادق. ثم نعود سريعاً الى القلب المستكين، إلى عشقه فيطالب الحبيبة بالعودة إليه كي تعود له الحياة.

من “الشجن” عنده تشرق شمس الجمال، ومن البعد يتأجج الشوق، ومن السقوط يولد النصر المبين. وإن مرّ القارئ على قصيدة “خيبة” يتفاجأ بأن لا خيبة ستصيبه في امرأة احتضنت الحبّ لشاعر نثر عطرها، بكى جرحها، صارت هي الوطن.

مما لا شك فيه، بأن لا شتاء في شعر لامع الحرّ، وإن مرت السُحب على ما جاء في العنوان، فالحبّ في قصائده يحولها إلى شموس تدفئ الشوق تارة لا بل تشعلها مواقد حنين في ذاكرة الشعر ليرتاح العمر وهو القائل: “لن يرتاح من جمر العناق عناق، عشقي خطير … لا نظير له… فهل من ناره يتعلم العشّاق؟”.

صديقي الشاعر، اطمئن لن يتعلم العشاق، نعم لن نتعلم، أطوق نجاتنا في شعرك الغرق وبخور الشعر من كلماتك العبق، حتى رقص من روعة احساسك الورق.

اترك رد