برعاية السيدة كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، عقدت جمعية راهبات الراعي الصالح، بالتعاون مع بلدية جديدة المتن، مؤتمرًا تحت عنوان Go Butterflies أو “انطلاق الفراشات” يوم الاثنين ٣ كانون الأول/ديسمبر في مركز البلدية. وهي تندرج في إطار حملة العالمية تنظَّم سنويًا في مختلف أنحاء العالم، في فترة الـ 16 يومًا الممتدة من 25 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة إلى 10 كانون الأول/ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتشارك فيها 6 آلاف منظمة في 187 بلدًا.
شاركت في مؤتمر “انطلاق الفراشات” شخصيات بارزة في المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية والفنية، منهم السيدة كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومعالي وزير الدولة لشؤون المرأة السيّد جان أوغاسابيان وسعادة النائبين رولا طبش وأنطوان حبشي والسيد فيليب لازاريني، المنسّق الخاص لأنشطة الأمم المتحدة المقيم في لبنان وسيادة راعى أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونية المطران حنّى رحمة والرئيسة الإقليمية لراهبات سيدة المحبّة للراعي الصالح في لبنان وسوريا الأخت سهيلة بو سمرا وقائم مقام المتن السيدة مارلين حداد ورئيس بلدية جديدة المتن. وحضر المؤتمر أيضاً جمع كبير من الشخصيات المعنية والفاعلة في مسيرة القضاء على العنف ضدّ المرأة والناشطين الاجتماعيين الذين يؤدون دورًا أساسيًا في هذه المسيرة، بالإضافة إلى جمهور من المهتمين.
افتتحت الأخت سهيلة بو سمرا، الرئيسة الإقليمية لجمعية راهبات الراعي الصالح، المؤتمر موضحةً رمزية العنوان “انطلاق الفراشات” الذي يشير إلى خروج الفراشات من شرنقتها باحثةً عن الحرية. وقالت إن اختيار هذا العنوان جاء تيمنًا بحركة “الفراشات” في جمهورية الدومينيكان، حيث اغتيلت ثلاث فتيات شقيقات من عائلة ميرابال كنّ يلقِّبن أنفسهن بالـ”الفراشات” وينتمين إلى حركة سرية كانت تناضل ضد الطغيان. وفي عام 1999 وتكريمًا لهن، جعلت الأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة، تاريخ اغتيال الفراشات في عام 1960، يومًا عالميًا لمناهضة العنف ضد المرأة.
ثم ألقت الشاعرة نهاد الحايك قصيدة مؤثرة عن وضع المرأة في الشرق، ما تعانيه من ظلم وما تكتنزه من قدرات.وهي تلخِّصُ القضيةَ التي نلتقي حولَها اليوم، قضيةَ المرأة، خاصةً في الشرق، الذي تَصِفُهُ بأنه “تائهٌ في مهبِّ القلوب، متميِّـزٌ في صُنْعِ الشقاء، وتُكَفِّرُ نساؤه عن ذنوبٍ يتباهى باقترافِها رجالُه”.
وبعد ذلك، ألقت النائبة في البرلمان اللبناني المحامية السيدة رولا طبش جارودي كلمة تناولت فيها القوانين المعنية بالمرأة في لبنان. وقالت: ” بصفتي كمحامية ومشرعة وناشطة في المجتمع لن أسمح بعد الآن بمزيد من الظلم بحق المرأة، فهناك قوانين تحتاج إلى الإلغاء أو التعديل لتواكب شرعة حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، ونحن ككتلة المستقبل تقدمنا باقتراح قانون لرفع التحفظ عن اتفاقية سيداو والغاء التمييز بين الرجل والمرأة، ونعمل على تعديل بعض المواد في قانون العقوبات.
واليوم، نعيد التأكيد أننا سنستمر في جهودنا الرامية إلى صون أبسط الحقوق الإنسانية للنساء، أي حقهنّ بالعيش والعيش بالكرامة، وأولى الخطوات على هذا الطريق هي تعديل قانون حماية النساء من العنف الأسري.”
وتحدثت النقيبة في المديرية العامة للأمن العام السيدة لارا كلّاس عن الإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لوضع حدّ للعنف ضدّ المرأة. فشرحت أنّ في الامن العام ” الخط الساخن ١٧١٧ هو لتلقي تقارير عن إساءة المعاملة وشكاوى العمال الأجانب بما في ذلك الاتجار بالبشر. وفي قوى الامن الداخلي، صدرت مؤخرا مذكرة عن حضرة المدير العام لأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بإنشاء الخط الساخن ١٧٤٥ وهو مخصص للإبلاغ عن مشاكل العنف الأسري بشكل خاص وفوري. اما في المديرية العامة لأمن الدولة كون طبيعة عملنا تختلف عن باقي الأجهزة، موضوع المرأة والاهتمام بها لم يتغيب عن حضرة المدير العام اللواء طوني صليبا اذ أمر بتشكيل لجنة داخلية قوامها نحن الضباط النساء الثلاث لمتابعة أوضاع النساء العسكريين والمدنيين ضد أي اعتداء عليهن من الداخل والخارج ولحمايتهن والاستماع لمشاكلهن.”
أما السيد فيليب لازاريني، منسق الشؤون الإنسانية وممثل الأمم المتحدة المقيم في لبنان، فتحدث عن الفرص المتاحة للقضاء على العنف ضد المرأة، ولا سيما من خلال العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة، والتحديات التي تعرقل هذه المساعي. وأفاد: “علينا أن نغير الرؤية والصور النمطية لنفهم بشكل أفضل الأسباب الجذرية للعنف ضد المرأة لكي نؤثر على القواعد الاجتماعية ونغيرها. في هذا الصدد، علينا أن نشجع الحوار بين مختلف الفئات في المجتمع وأن نضع هذا الموضوع على لائحة أولويات الرجال وغيرهم من صانعي القرار. العنف ضد المرأة سيصبح من الماضي فقط عندما تصبح المساواة وتمكين المرأة حقيقة.”
ثم تحدثت الكاتبة السيدة نبيلة فارس، رئيسة جمعية “أكسوفيل” ومختارة بلدة الرابية، عن مسيرة النساء عبر التاريخ والتباين في وضع المرأة بين متزمتة ومتفلتة وجهان لعملة واحدة كلاهما مذلان للمرأة. واختتمت بالقول: “المرأة ليست للخباء وليست سلعة للعرض والطلب هي انسان كامل مثلها مثل الرجل تتساوى معه عقلا وروحا وعلى المجتمع أن ينظر اليها بالمساواة مع الرجل حيثما وجدت”.
وشارك في المؤتمر نجمان من عالم السينما والمسرح والتلفزيون، السيدة ندى أبو فرحات التي تناولت العنف ضد المرأة انطلاقًا من تجربتها الخاصة. قصة اثرت بالحضور لدرجة ابكت البعض اما السيد بديع أبو شقرا فقد سلط الضوء على المساواة بين الجنسين بناء على تجربته الشخصية كممثل.
ثم تمّ تقديم شهادتين مؤثرتين لناجيتين من العنف الأسري، إحداهما روتها ناجية من العنف لجأت الى راهبات الراعي الصالح اما الأخرى فروتها الممثلة مروى الخليل بطريقة خلبت بها الانفاس.
واختُتم هذا اللقاء مع السيدة كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وراعية المؤتمر فقالت: “ من الثابت والمؤكد أن مختلف الأديانِ السماوية، ترفض العنف وتدينه، وتدعو إلى السلام والمحبة والتسامح بين البشر. أما المجتمعُ الذي يسمحُ بانتهاكِ حقوق الإنسان فيه، وُيتيح ُممارسةَ العنف المعنوي واللفظي والجسدي والجنسي ضدَّ مواطناتِه ومواطنيه، هو مجتمعٌ يعيق نفسه بنفسه، وهو مجتمع بحاجة إلى جهودٍ مشتركة بين الجهات الرسمية والخاصة فيه، لإعادة التوازن إليه وإلى كلِّ مكوناته.”
وأضافت: “أماّ على الصعيد العملي والتطبيقي، فلا بدّ لنا أن ننوّه بالدور الأساسي والجوهري الذي تقوم به الجمعيات الأهلية في هذا الإطار، حيث يكمّل دورُها، دورَ المؤسسات الرسمية على الصعيد التشريعي والتوعوي.”
وتابعت: “ويأتي عمل راهبات الراعي الصالح مع النساء المعنّفات والأطفال المهمشين، ليجسّدَ مبادئ الديانة المسيحية الحقيقية، ولينشرَ رسالةَ المحبّة والرحمة والمسامحة في مجتمعِنا وعائلاتِنا. فعملُهنّ على التنمية الإنسانية والاجتماعية والروحية للنساء والفتيات اللواتي يعانينَ من غياب العدالة الاجتماعية، وللنساء والأطفال الذين يعيشون وسطَ الفقر وبدون ملجأ، هو رسالةٌ إنسانية سامية تبشّرُنا بمستقبلٍ أفضل يكرّس مبدأ العدالة، واحترام حقوق الإنسان، وكرامةَ كلّ الناس، وخصوصا المنبوذين منهم.
إن ثقافةَ المحبة التي نسعى جميعاً إلى إحقاقها، هي ثقافة كونيّة، تتخطى الأماكن والظروف والأوقات، هي ثقافة مرتبطة بتكوينِنا الإنساني وبطبيعتنا البشرية.”
وختمت: “فلنساهم كلٌّ من موقعه وضمن إمكانياته، في نشر هذه الثقافة، ولنساهم في جعلِ عائلاتنا الصغيرة مركزاً للأمان والسلام، بدلاً من العنف والاستغلال، ولنجعل من مجتمعنا ووطنِنا، صورةً حقيقية عن طبيعتنا الإنسانية الخيّرة التي خلقَها اللهُ فينا.”
وأقيم في موازاة المؤتمر معرض لوحات تشكيلية وصور فوتوغرافية تعبِّر عن المرأة وقضية العنف الذي يمارس ضدها، يستمرّ حتى يوم الثلاثاء ٤ كانون الأول/ديسمبر. ويعود قسم من ريعها لراهبات الراعي الصالح.