ولا أزال أبتكر الأحلام (رسائل مُهرًّبة) 29

  

… والعذوبةُ، كلُّها، أنتِ!
وهي تنبُع منكِ، وفيكِ تُقيم، وإليكِ تعود، وحواليكِ تُهوّمُ وتَحوم. كأنّما قد جعلتْ من نفسها حصنًا لكِ يَقيكِ سِهامَ الغَيورات الحاسدات!
وهنّ كثيراتٌ، كثيرات. من كلّ جنسيّةٍ ولونٍ وطبقة…
فَرْطُ العذوبةِ، فيكِ، يُثيرُهنّ. يَنفعِلْن, يَحتقنّ. يغضبْن. يشتمْن. يَثُرن.
ماذا بوسعهنَّ أن يفعلْن!؟ كيف لهنَّ أن يتصرّفْن!؟ ما ينفعُهُنّ ذلك كلُّه!؟
لا يسعُهنّ أن يفعلْنَ شيئًا. فَراغُهُنّ يُعْتِمُ نفوسَهُنّ، يُظَلِّلُ أرواحَهُنّ، يُغِلّ، منهنّ، العقولَ والأيدي. يُقصِّرْنَ عن كلّ فِعْل. فراغٌهُنَّ الكاوي، يَمحقُهُن، يمنع عنهنّ هواءَ الحياة، يَعِشْنَ خَواءً بِخَواء. عمرُهُنّ اهتراء. سُدّ، في وجوههنّ، كلُّ فضاء.
وليس لهنّ أن يتصرّفْنَ. هنّ يتحركنَ جامدات. يتحدّثنَ مومِئات. فقدنَ كلّ إحساسٍ، كلَّ حَدْسٍ، قيّدَهُنَّ الحِقْدُ، أصمّهُنَ الحسدُ، وقعْنَ في جحيمٍ من الفراغ الّلئيم. يُضْمِرْنَ ما لا يُظهِرنَ، فيرتدّ عليهِنَّ، يشتدّ غيظُهُنّ، يتناهشُهُنَّ، يتأكّلُهُنَّ.
ذلك، كلُّه، لا ينفعُهُنَّ في شيء! إنّما هو يضاعِفُ شعورَهُنَّ بالحسد. يزيد الحسدَ حسدًا، والحقدَ حقدًا. يُكثّفُ ظُلمةَ نفوسِهِنّ والأرواح. يقعْنَ في عدميّة العدم!
وحيدتي الوحيدةُ الكثيرة! المتنوّعةُ الخصب!
يا لَعذوبتك الجارحة، الساحقة، الماحقة! يا لَعذوبتكِ المثيرة، الموحية، القاتلة!
يا لَعذوبتكِ العذوبة، كم أنتِ تُحييني!
كم بكِ أَغنى، أكبر، أُفاخر!
ولْتسْلمي!

ألثّلاثاء 30- 3- 2015

 

اترك رد