نتذكّر موتانا المنتقلين إلى بيت الآب، من حينٍ إلى حين (2 تشرين الثاني). إنّهم “الموتى-الأحياء”، ونحن “الأحياء-الموتى”. سلك أمواتنا طريق الحياة، أيّ “الزمنيّة”، الملتصقة بالأرض والإنسان. تابعوا مسيرتهم نحو الحياة “اللازمنيّة”، الملتصقة بالله وبالسماء.
غادرنا أحبّاؤنا الموتى نحو الحياة الأبديّة، التي يؤمن بها المعمّد والممارس لإيمانه، من خلال الصلاة وأعمال الرحمة والمحبّة، التي تعبّر عن علاقته بالسيّد المسيح، مخلّص البشريّة، بالرغم من الخطايا والضعف.
رحل أحبّاؤنا الموتى، وتركوا فراغًا وآلامًا وأحزانًا وجروحات وحسرات وذكريات. ألم يتركوا لنا “مثالاً” نقتدي به، وأعمالاً ننعم بها، وأقوالاً وأفعالاً حسنة تنفعنا؟ ألا نشعر بوجودهم معنا وبالقرب منّا وبرفقتهم لنا؟ غاب أمواتنا، لكنّهم حاضرون رغم غيابهم الجسديّ.
يقول الربّ يسوع “طوبى للأموات الذين يموتون في رضا الربّ” (رؤيا 14: 13). ألا تطال قيامة الربّ يسوع من بين الأموات، نحن المؤمنين به؟ يقول الربّ بهذا الخصوص “أنا القيامة والحياة، مَن آمن بي وإن مات فسيحيا، “وكلّ مَن يحيا ويؤمن بي لن يموت إلى الأبد.” (يو 11: 25). ألسنا أولاد الحياة الأبديّة؟ بالرغم من الموت الجسديّ، تبقى أنظارنا نحو العُلى، وأعمالنا ممرًّا للعبور نحو تلك الحياة، التي وُعدنا بها، ونؤمن بإمكانيّة الحصول عليها.
نعم، شارَكنا يسوع المسيح طبيعتنا حتّى الموت، ولكنّ حبّه الكبير انتصر على الموت وكسر نيره، وفتح لنا أبواب الحياة. ألسنا أبناء الرجاء والإيمان؟ ألسنا بحالة تحضير للعودة إلى الفردوس؟ وإلى الملكوت السماويّ؟
لنذكر موتانا دائمًا وأبدًا من خلال أعمالهم الحسنة وأقوالهم الصادقة وتاريخهم المجيد وإنجازاتهم المفيدة.
لنذكر موتانا بالصّلاة وتقديم القربان المقدّس، من أجل راحتهم الأبديّة، “إرحمونا إرحمونا، أنتم يا أخلاءنا فإنّ يد الله قد مسّتنا” (أيّوب 19: 21)، “طوبى للرحماء فإنّهم يُرحمون” (متّى 5: 7). ألا تعزّينا الصّلاة أيضًا ساعة الشدّة؟
“أشرق يا ربّ نورَكَ الأزليّ علينا وعلى أمواتنا”، “الراحة الأبديّة أعطهم يا ربّ، ونورك الأزليّ فليضئ لهم، فلتسترح أنفس الموتى المؤمنين برحمة الله والسّلام آمين”.
إجعل يا ربّ أحبّاءنا الموتى في ديارك الأبديّ.