أيها القمر! يا نديم السمّار في ليل السّمر، أيها المتلألئ خيوطاً ضوئية تنير ليالينا، وبالمسامرة تغرينا..
أيها المتربّع في عليائك، كم وكم من القصائد نظمها الشعراء تكريما لك، وإجلالاً لعظمتك!!
كم وكم من العشّاق، تعانقوا في أمسيات الاشتياق، فيما الأعين مشدودة إليك، تلتهم سحرك.
أطلق الناس اسمك على ذوات الحسن والدّلال، متيمّنين بك… فكانت لنا “قمر الزّمان” و “بدر الدّجى” و” قمر نيسان”…
كلّ هذا: كان نتيجة بعدك عنّا، كان نتيجة خداع بصر، وتسلّق الاحلام عالم المسافات، لتراك الاعين على عكس ما أنت.
كانت المفاجأة الكبرى، عندما زالت الابعاد، واندثرت المسافات، غزاك البشر، وحطت على سطحك أوّل مركبة فضائية، فكان كشف السّتار عن حقيقتك.. أرض جرداءُ قاحلةٌ لا هواء ولا ماء فيها، ولا حياة عليها.. وانقلب الجمال كانقلاب السحر على الساحر…
وقامت القيامة على كلّ من شبّه حبيبته بالقمر. الحبيبة جمال وحيوية، وروح نقيّة فيما القمر جمادٌ لا حياة فيه.
وانبثق شعاع الحقيقة التي كانت غائبة عن الاذهان! القمر مختلسٌ محتال، تغمره الشمس بدفئها وبحنانها فيعكس أنوارها على الارض، ليوحي بأنّه هو المنير!!
وهنا: وقفت تائهة حائرة!! كم وكم من الاقمار البشرية تتمتّع بالصفات نفسها، يبهرنا حسنها، وحلاوة ألسنتها وطلاوة أحاديثها، ورقّة طباعها، لنكتشف بعد ذلك أنّها كانت تسقينا السمَّ في الدّسم!!
ربّاه!… إلى أين نحن صائرون؟؟؟
وفي الانتظار، يبقى الامل.
الأمل الكامن في الشّموس…
ألشموس التي تعطي بلا حساب، تترك أنوارها تتسلّل إلى الاقمار، منعكسة على الصّخور والاحجار، ومن ثمَّ ترتدُّ إلينا بحيرة أنوار.