هو كتاب شيّق وجديد وجميل، سلس في أسلوبه، متنوّع الموضوعات؛ من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنون. متعدّد في ميادين المعرفة، ويتناول تاريخ لبنان من خلال أربع من مدنه الأقطاب على مساحة الوطن، هي بيروت، طرابلس، زحلة وصيدا، فيستعرض تاريخها منذ عصر الفينيقيين مروراً بالعصور الوسطى، وصولاً إلى المرحلة المعاصرة.
وما يميّز الكتاب هو تناوله، بموضوعية ورصانة، «حكاياتها» عبر المكان والزمان، بأناسها ورجالاتها وأدبائها وفنانيها وجامعاتها ومدارسها وجمعياتها وعمرانها وتراثها وإنجازاتها وأحداثها التي مرّت عليها… واللافت في منهجية الكتاب؛ الشمولية المبسّطة، وجمعه بين النص التاريخي وحوالى 350 صورة ولقطة أغلبها بالألوان، و130 مستنداً (الشبابيك) التي تعطي الأكاديميين فسحة من المعلومات الموثقة الضرورية، كما جاذبية ووضوحاً،
فاستطاع عبد الرؤوف سنّو، بذلك، أنْ يرسم صورة للحياة الثقافية في المدن الأربع، ويضيء على بيروت القطب كعاصمة للثقافة والفنون في لبنان، وكذاكرة وتراث وهوية.
يسرّ جريدة «اللــواء» أنْ تقدّم للقارئ آراء زملاء الدكتور سنّو وأصدقائه وتعليقاتهم حول كتابه الجديد.
(د. عدنان خوجة: فنان تشكيلي
وأستاذ في الجامعة اللبنانية):
جَمَع المعرفة مع المتعة
بأسلوب سلس بسيط وواضح
- في كتابه «المدن الأقطاب» الصادر حديثاً عن مؤسّسة شاعر الفيحاء سابا زريق، يأخذك عبد الرؤوف سنو في رحلة رومنسية جميلة عبر تاريخ وأنشطة المدن الرئيسة في لبنان – طرابلس – زحلة – صيدا، بأناسها وتراثها، فيستقرئ الحجر ونبض الذاكرة ويُعيد إلى أذهان قرائه بعضاً من مرويات وخصائص ما تعارف على تسميته بالزمن الجميل.
يفتح سنو أمامك نوافذ الشهد المصفى ويلمس ببنان لطافته بعضاً من ضياء الرحيق الذي تركه الأجداد والعباد زخيرة ثقافية لكل العصور.
قد يشعر المرء بأنّ نزهته الثقافية مع العميد سنو هي أحد سمات الوجد الحضاري لتجربة مؤلف رصين دقيق في خياراته متشعب الأهداف، ولكنه في الواقع يجمع المعرفة مع المتعة بأسلوب سلس بسيط واضح غير متكلّف جمع فيه المؤلف خلاصة تجربته الطويلة في عالم الكتابة والتاريخ.
أنْ تتعرف مع عبد الرؤوف سنّو على مدن لبنان فهذا يعني أنك تقرأ في نصوصه ترجمة للوقائع والأحداث والمناسبات المفصلية في حراك تلك المدن؛ بأهلها وناسها بعمرانها وتجليات هذا العمران. تقطف بلمس اليد والذهن سيرة مدن صنعت التاريخ ولم يصنعها، تقف أمام محطّات مهمّة من حياة الساحل اللبناني السوري في لحظات مهمّة ومفصلية استطاعت فيها تلك المدن أن تحتفظ بحيويتها وبنبض الإبداع فيها والإسهام في رسم المسارات الحضارية التي كرست بعضًا من هويتها وسماتها في العمران.
كتاب المدن الأقطاب سيشكل دون أدنى شك مرجعاً مهماً للمثقف والباحث والقارئ متنفساً ثقافياً في زمن التردي الاكبر.
(د. محمّد مراد – الجامعة اللبنانية):
باحث قطب جَمَع تعدّدية المناهج
في توليفة غير مسبوقة)
- هي شهادة من باحث قطب جمع تعدّدية المناهج البحثية في توليفية معرفية غير مسبوقة، فقد غاص في أعماق المدن – الأقطاب ليخرج بتقنياته الفنية بإضفاء مسحة من الرومنسية على تاريخية المدن – المراكز التي تحوّلت إلى مسرح مثّل عليه الناس – أهل الساحل الطرابلسيون والبيارتة والصيداويون، وأهل المدينة الداخلية زحلة التي تحوّلت تاريخياً إلى مخزن لجمع قمح البقاع والداخل السوري؛ كلّ ذلك أخرجه عدنان خوجة ببصماته الفنية على مسرح المدن المقصودة بمعالجة الدكتور سنّو الذي استطاع بحقّ أن يُعيد اكتشاف بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة بناسها الذين عاشوا هذه المدن بمناخاتها بأسواقها بمنتدياتها وحكايات لياليها وتعاملاتها الممتدة إلى الداخل اللبناني والعربي، وكذلك إلى العالم، عابرين المتوسط ليقدموا اللبناني النموذج الحضاري الذي حمل الحرف والتجارة إلى سائر المعمورة.
لقد أجاد عدنان خوجة السباحة والغوص في بحر كتاب المدن الأقطاب للباحث سنّو حيث تمكن من استخراج اللؤلوء والمرجان في توليفة توصيفية أضفت على الكتاب – العنوان حلة تاريخية جديدة ستفتح، بدون أي شك، الأبواب أمام أجيال من الباحثين للولوج إلى الحراك التاريخي للمدن الأقطاب، كل ذلك في دراسات جادة ومعلقة.
ومن ناحية أخرى، تشكل مقالة الدكتور سراج شهادة مضافة إلى كتاب البروفسور سنّو، وهي بحقّ «مقالة قطب» غرفت من الكتاب معيناً معرفياً أضاف إلى الحراك التاريخي للمدن المدروسة مقولات جمعت تلويناتها الثقافية والحضارية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين لوحات متعدّدة تكاملت في إنتاج هوية كيانية لبنانية دخلت التاريخ الحديث لتؤكد أنها حقيقة تاريخية عمل الباحث سنّو على تظهيرها بمنهجية علمية اعتمدت منهجاً دينامياً حراكياً تطوّرياً، وأسلوباً هو بمثابة السهل الممتنع؛ كلّ ذلك يمنح باحثنا الزميل سنّو شهادة مضافة إلى إنتاجه الفيضي الذي يجعله من باحثي ومؤرّخي القمّة، ليس على مستوى قطرنا اللبناني وحسب، وإنما على مستوى وطننا العربي وأمتنا العربية من محيطها إلى خليجها.
(د. جان جبور: الجامعة اللبنانية)
إبراز تجربة مدن تستشف
من خلالها تاريخ لبنان
- تدخل إلى مدائن عبد الرؤوف سنّو ولا تخرج منها إلا محمّلاً بالعطر. بأسلوب سلس وشيّق يجمع بين المفيد والممتع، يصول العميد ويجول بمنهجية يتداخل فيها التاريخ والسياسة والاقتصاد والسوسيولوجيا والثقافة والفنون، فتتعدّد الإضاءات والمطلوب واحد: إبراز تجربة مدن نستشفّ من خلالها تاريخ لبنان. سوف يكون هذا الكتاب مفيداً جداً لأجيالنا الطالعة التي يُخشى أن يُحجب عنها ما تعانيه اليوم التجارب الجميلة التي عاشها هذا الوطن…
أعتقد بأنّه بعد انتشار الكتاب سوف يطرق أهل المدن اللبنانية الأخرى كصور وجبيل وبعلبك باب العميد سنّو ليطالبوه بما يعود لمدنهم من مخزون معرفته. فشكراً عبد الرؤوف سنّو على هذا الجهد المميّز، وشكراً لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية على تبنّيها لهكذا مشاريع ثقافية مضيئة، مع التنويه بهذا الإخراج اللافت للسيدة ياسيمن معوّض. مرة أخرى، شكراً أيها العميد الصديق.
(المستشار د. نادر الغزال):
شعرت وكأني انتقلت عبر الزمن
إلى ذلك الماضي الجميل
- لستُ بموضع الإدلاء بشهادة للآخرين بالكتاب، فهذا شرف كبير لا أدعي أنني أهل له، لكنني تركت لسيل الأفكار التي ولّدتها قراءتي السريعة يأخذ مداه، والحقيقة أنني أعبّر بوجدانية عما حصل معي من موقف ومشاعر.
فقد بدأت بنية التصفّح السريع للكتاب فوجدت نفسي أقع في فخّ شغف القراءة المتعمّقة تغذيه مقتطفات من أقوال بارزة لقيادات زمنية معاصرة، وأخرى أصبحت عابرة، في موضوعات شتى منها الفيدرالية، واللامركزية، والمواد الدستورية، ثم لأنتقل بعدها للسير بين أزقّة هذه الحواضر التي كانت عصية على التاريخ؛ فأخذت منه ما جعلها مستدامة في ذاكرتنا، محفورة في وجداننا، وراسخة في تراثنا، ثم لألج داخل الصور فأشعر وكأني انتقلت عبر الزمن إلى ذلك الماضي الجميل…
وكذلك لقد شدّني أيضاً للمزيد من التصفّح، بعض الصور القديمة التي تربطني بها ذكريات شخصية جميلة، منها ما هو في مدينتي طرابلس التي تسكن فؤادي، ومنها ساحات وشوراع في حارات بيروت ووسطها، ولا سيما ساحة رياض الصلح حيث كانت مقهى الفاروق، الذي كانت تملكه خالتي رحمها الله…
قد يطول الحديث عن متعتي بما قرأت… طبعاً سيكون لي صولات وجولات مع هذا المرجع المهم في مضمونه، والرشيق في صياغته…
هذا ما شعر به الجنان ونقله إليكم البنان، وكما يقال: ما يخرج من القلب يصل إلى القلب، وما يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، فأرجو أن أكون قد نجحت في الولوج إلى قلبكم وقلوب القراء لكتابكم القيّم.
أعود وأقول يا دكتور: نفع الله بكم وبعلمكم وبإخلاصكم في سبيل رفعة الوطن والأمة. أرجو ألا تكون قد أدخلت الإطالة في التعبير الملل إلى قلوبكم…
(د. قاسم الصمد – الجامعة اللبنانية):
دراسة معمّقة تجمع جهات الوطن الأربع
- إن لم ينجح سياسيو لبنان وأولو الأمر فيه في وضع تسوية تؤسّس لارساء سلام دائم فيه، فإنَّ الصديق المؤرخ «السربست» البروفسور عبد الرؤوف سنّو قد نجح بتفوّق وامتياز، كما عودنا دائماً، في وضع دراسة معمّقة تجمع تاريخ جهاته الأربع: شماله وجنوبه بقاعه وبيروته، وتشبك حاضر حواضره الأقطاب: بيروت وطرابلس وزحلة وصيدا بأصرة لبنانية لا انفكاك لها.
هنيئاً لنا سفر البروفسور سنّو التاريخي، ومبروك عليه مولوده الذي يكلم اللبنانيين في مهد تاريخهم، مروراً بحاضرهم واستشرافاً لمستقبلهم. والشكر موصول إلى مؤسّسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية على اعتنائها بنشر كتاب العميد سنّو: المدن الأقطاب في لبنان.
(د. رؤوف الصيّاح – عميد (م) في الجيش اللبناني):
مادة علمية تجعل منه مرجعاً
لكتابة تاريخ لبنان
- يشعر القارئ للوهلة الاولى وكأنَّ الكتاب «المدن الاقطاب في لبنان» يحكي تاريخاً قديماً لهذه المدن. وما أنْ يبدأ بقراءته حتى يجد نفسه أمام تطوّر تاريخي لهذه المدن وعبر الزمن؛ من النواحي كافة والرابط مع محيطها، وصور مكتوبة لتاربخ طويل للبنان بأسلوب شيّق يدفع القارئ الى الاسترسال والتعمّق في القراءة؛ حيث يتسمّر أحياناً أمام مادة علمية تجعل منه مرجعاً لكتابة تاريخ لبنان يتموضع في مكتبة كلِّ منزل والمكتبات العامّة، لأنه خزانة تاربخية ضخمة بحدّ ذاته.
وتدلّ كتب العميد سنّو عن لبنان على منحى وطني عميق وثابت، وقد أسهم في لجنتين لوضع كتاب تاريخ مدرسي عن لبنان. وقد عرفه زملاؤه وأصدقاؤه باحثاً موضوعيَّاً متجرّداً، همّه الحقيقة التاريخية. فألف تحية لكم أيها الصديق العزيز بمناسبة كتابكم الجديد، على أمل أنْ يستمر نتاجكم الأكاديمي الغزير.
(د. أنطوان الحكيم – الجامعة اللبنانية):
تجد نفسك أمام مؤرّخ شامخ عملاق
- عندما تبدأ بتصفّح كتاب البروفسور عبد الرؤوف سنّو «المدن الأقطاب في لبنان، بيروت – طرابلس – زحلة – صيدا»، تَنْجرّ مرغماً إلى متابعة القراءة دون توقّف ولا ملل، منقاداً بغنى المضمون وبسلاسة الأسلوب وبرونق الإخراج للسيدة ياسمين ميروز معوّض التي اعتمدت الصور واللقطات والرسوم والمستندات، لجعل النصّ جذّاباً وأكثر وضوحاً. إنك تجد نفسك أمام مؤرّخ شامخ عملاق، يكتب بدقّة الباحث وصبره وبجرأة الرائد الشّجاع.
إنّ الموضوع الذي اختاره «المدن الأقطاب» شيّق وجديد، ومُدُنه الأربع تتوزّع على مساحة الوطن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه. عالجه البروفسور سنّو بجدارة وشموليّة وبموضوعيّة قلّ نظيرها، مقتحماً ميادين المعرفة كافةً: إنّه يجوب معك في كلٍّ من المدن المختارة مستعرضًا الحقبات التاريخيّة التي مرّت بها، مع أحداثها وآثارها وشخصياتها، ومتطرّقاً لدورها السياسي والاقتصادي والتربوي والثقافي، متوقّفاً بنوع خاصّ عند رجالات الأدب والفكر والفن. لقد خصّ بيروت بالجزء الأكبر من كتابه، وهي المدينة القطب بامتياز التي تأرجحت عبر تاريخها بين انضمامها إلى الجبل اللبناني وانفصالها عنه، إلى أن احتضنها لبنان الكبير العام 1920 وأصبحت عاصمته. إنّها تُعتبر مركز الثقل الاقتصادي، بلا منازع، ومنارة الاشعاع الثقافي في شرق المتوسّط.
لا يخشى كاتبنا الموضوعات الشائكة وقد اعتاد على مقاربتها بشجاعة وتجرّد (نذكر على سبيل المثال مؤلَّفة الضخم عن حرب لبنان) واضعاً جانباً انتماءَه الديني والمذهبي والسياسي وأجواء محيطه الثقافي، متسلّحًا فقط بمبادئ العلم وبِدِيونتولوجيا مهنة المؤرّخ.
يبرز البروفسور سنّو من خلال كتابه هذا باحثاً رصيناً محترفاً وعالِماً متواضعاً، إذ إنّه يذكر بالأسماء أصدقاءَه المثَقّفين الذين استشارهم حول بعض النقاط، كما يشكر كلّ مَن زوّده بمعلومة، مهما كانت صغيرة، أو أجاب على أحد تساؤلاته. إنّه مؤرّخ قدوة، هنيئاً لبيروت وللبنان بأمثاله.
(العميد د. أمين فرشوخ – جامعة المقاصد
– كلية الدراسات الإسلامية):
سياق يوصل إلى رسم صورة للحياة الثقافية في المدن الأقطاب
– الصديق البروفسور عبد الرؤوف سنّو الشغف بالتاريخ، ليس من أجل تعليمه فقط، بل كشفاً لحقائقه وتحليلاً لوقائعه وجمعاً لشذراته في نصوص يوظفها منعكسة في الواقع الذي يحب أن يكون فاتحة لغدٍ أفضل، شغف العالم هذا، الذي جسّده في كتبه المتنوّعة بدا واضحاً مع جِدّة في كتابه: «المدن الأقطاب في لبنان»، ففيه ركّز على مدن لبنانية هي «ذاكرة الوطن» استطاع في نقل «بعض» تاريخها أن يبرزها نجمات ساطعات مثلت أدواراً مهمة لأهلها وللبنان كله. و«الجديد» فيها ما أضاء على «الازدهار الأدبي والثقافي» و«الكتاب والثقافة والفنون التشكيلية»، وهي الوجه النامي الذي عاش أكثره في بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة، مما لا نجده في مراجع أخرى بهذا الشكل المرتّب والموثّق في أسلوب منهجي، و«رؤية» تتضمنها في سياق يوصل إلى رسم صورة للحياة الثقافية في هذه المدن «الأقطاب».
لم يفاجئني الصديق المؤرّخ سنّو في تناوله هذا الوجه الثقافي في المدن اللبنانية، فهو «فعلاً» عاشها، أو عاش مع عظمة مثقفيها: حين كبر فيها، متنقّلاً في مراكز عالمية وبحثية وقيادية جامعية أتاحت له فرص الاختلاط بالنخب «والحالة» الثقافية فيها.
وسنّو هو المؤرّخ الموضوعي الذي استطاع أن يفصل بين «عاطفة» انتمائه إلى المدينة، خصوصاً بيروت، وإلى تلك الفترة الغنية التي عاش معظمها وبين التوصيف الحقيقي لها، فكان «الحنين» بعيداً عن «المعلومات» التاريخية المدوّنة غير مختلطة أو مؤثّرة، وإن رسم بعضها في أطر بألوانه زاهية زينت بعض صفحات الكتاب، وفي ذلك كلّه تأكيداً لصفة العالم، والمؤرّخ الموضوعي الذي يتمتّع بها وهو ما أتاح للقارئ أنْ «يقرأ» النص الحيادي/المرجع.
للبروفسور عبد الرؤوف سنّو تهنئة صديق رافقه سنوات في مسيرة مهنية رائدة منتجة، وفي مرحلة حياة بيروتية عابقة بفرح خاص، ونكهة مميزة.
(زاهر مهيب البزري – فنان تشكيلي):
شمل الكتاب أهم كوادر الحركة التشكيلية اللبنانية من الرعيل المؤسِّس إلى المعاصر
- في البداية لا بد لنا من شكر المؤلف د. عبد الرؤوف سنّو على هذا الجهد لإنجاز الكتاب الخاص بالمدن الاقطاب ليكون مرجعاً سهل المنال للمهتمين كافة، من النواحي التاريخية والاجتماعية والتربوية والسياسية والأثرية، وخاصّة الناحية الثقافية.
لقد أشار المؤلف بطريقة مبسطة وملخصة لأهم كوادر ومؤسسي الحركة التشكيلية اللبنانية من الرعيل الاول المؤسّس الى جيل الشباب مروراً بالرعيل المعاصر، في كلِّ المناطق التي يتناولها الكتاب المرجع؛ فنحن نفتقر للدراسات والمراجع التي تتحدث عن الحركة التشكيلية اللبنانية، رغم وجود كتابات ودراسات لأساتذة وطلاب كليات الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، ولكن هنا نلمس مدى حرص المؤلف على إعطاء الناحية الثقافية والفنية الاهتمام الموازي للسرد التاريخي والسياسي. فمعظم الدراسات تتمحور في نقطة معينة دون الأخرى. لقد نسج المؤلف العلاقة التأثيرية للمجريات التاريخية في كافة مناحيها وشمولها لمعظم الأجيال الفنية وليس فقط الحركة التشكيلية، بل أيضاً فنون المسرح والسينما وغيرها…
واللافت كم المصادر والمراجع التي استند إليها الدكتور سنّو، والتي بدورها تفتح الباب لدى الباحث والقارئ الى المزيد من التنوير والبحث.
وأخيرًا إنَّ ما ورد في الكتاب من تنوّع في المعلومة والسهولة المحدثة في الكتابة، لهو مرجع في الحركة الثقافية اللبنانية والتأثيرات التاريخية والاجتماعية والسياسية فيها، وما هي حالتها وتاريخها وحاضرها، وأبرز المشاكل فيها وحاجاتها، وأهمية عصر ازدهارها وربطها بالأحداث التاريخية المواكبة لها، وكذلك بعرض أسباب انحدارها.
شكرا للدكتور سنّو على هذا الكتاب، على أمل المزيد من الكتابات والدراسات خاصّة في الثقافة والفنون التشكيلية.
(إيلي غنطوس – المدير المالي
لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع):
مرجع تستفيد منه أجيالنا
- عندما رنّ هاتفي، قبل سنتين، وعرّف المتحدّث عن نفسه بأنّه المؤرّخ الدكتور عبد الرؤوف سنّو، ويطلب مساعدتي للحصول على صورة لأول رئيس لغرفة التجارة في زحلة والبقاع المرحوم ألفرد السكاف، لم أكن أعتقد بأنَّ هذه المكالمة سوف تكون بداية صداقة بيننا. وقد استجبتُ على الفور لطلبه؛ وهذا ما شجّعه على تكرار الأسئلة عن زحلة أسبوعاً بعد أسبوع، عمراناً وديموغرافيا ومهرجانات، وفنانين تشكيليين ومسرحيين وأدباء… ومن جهتي، سعدت للتعاون معه وتزويده بما يريد لسببين: جديته وإلحاحه في الحصول على المعلومة، وكوني زحلياً اعتقدت أنَّ واجبي يحتّم عليّ أنْ أزوده بجميع المعلومات عن مدينتي، كي تستحق أن تكون قطباً، بجدارة، بين المدن الأقطاب التي يقص تاريخها بشمولية؛ من القديم إلى المعاصر.
الكتاب الذي صدر قبل أيام قليلة جديد في موضوعه وتوليفته الفريدة؛ فهو يروي قصّة أربع مدن أقطاب لبنانية، قواسمها المشتركة العلاقات التاريخية والاقتصادية التي تجمعها، وانضوائها ضمن «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان». أما فرادة الكتاب، فهي أن المؤلِّف يقدم لنا مادة في قالب جديد، يجمع ما بين النص والصورة واللقطة والمستند (الشبّاك). برأيي، إن هذه المنهجية تسهّل على القارئ الفهم والاستيعاب، وتبقى راسخة أكثر في ذاكرته. إنه ما يُطلق عليه أسلوب السهل الممتنع.
وقد شعرت، عن حقّ، بأنَّ الدكتور سنّو يكتب عن المدن الأربع بحبّ و«انتماء»؛ فـ«العشق» بين الباحث والموضوع الذي يطرقه، أي كان، ضروري لنجاح مشروعه. فعندما يكتب عن بيروت، يشعر المرء بأنّه بيروتي أصيل فخور بإنجازات مدينته الفاضلة؛ لكنه يحمل أيضاً همومها وهواجسها. وعندما كتب عن طرابلس، أبرز دورها التاريخي كمدينة للعلم والعلماء، مؤكداً مقوماتها لتكون عاصمة اقتصادية للوطن. وفي مقدمة الفصل عن مديني زحلة، أعطاها أوصافاً كعروس سرمدية متألقة بامتياز؛ منذ «ولادتها» حتى اليوم، وأضاء عليها، تاريخاً وسياسة واقتصاداً وثقافة. أما صيدا، فتألقت، في كتاب المدن الأقطاب» بتاريخها الفينيقي والإسلامي والحديث والمعاصر.
كتاب الدكتور سنّو يستحق القراءة، وأن يكون مرجعاً تستفيد منه أجيالنا التي لم تتعرف إلى إنجازات الأجداد. وعليها أن تأخذ أيضًا العبر والدروس من الأخطاء التي وقعوا فيها أباؤهم، وشكّلت كوارث على الوطن. سنّو يحلم بوطن «فاضل» لا ينحصر بمدنه الأقطاب، بل بمدنه الأخرى وقراه ودساكره، ساحلًا وجبلًا وسهلّا.
****
(*) جريدة اللواء 28 سبتمبر 2018 .