بين 7 آذار و14 نيسان نظم مركز بيروت للمعارض معرضًا للرسام التشكيلي شوقي شمعون تضمن مجموعة من لوحاته تعكس لغة تشكيلية ديناميكيّة استمدها من العودة إلى الطبيعة، وإلى الجذور وابتكر من خلالها عناصر لخلق عمل فني. هذه الفلسفة ترمز إلى تطوره كفنان وساعدته على تحديد هوية للوحاته، ومنحته دعماً فكريًا لإكمال مسيرته نحو الحلم.
قبل حرب تموز 2006 الوحشية وخلالها وبعدها وصولا إلى تجربة رسم الصحراء، أجرى شوقي شمعون تجارب في رسمه، بعضها كان صرخة ضد القصف الاسرائيلي الوحشي، وأعقبتها مجموعة “إعادة النظر في الطبيعة”، وهي تجربة جديدة مع البحيرات في “هاريمان بارك” شمال ولاية نيويورك، ومجموعة من اللوحات التجريدية.
الصحراء وثقافتها، في الماضي والحاضر، أثرت في عيني شوقي شمعون وفي عقله، فشعر بطاقة تجتاحه وتحمل إليه صوراً جديدة لكتابة فنية غير مسبوقة. سرقته الصحراء بعيداً عن مخاوفه الجمالية، عن محاولاته لإعادة تعريف القيم الجمالية والأهداف، وعرضت عليه إقامة مطوّلة في عالم من النقاء لا مثيل له يوازي أرض الأرز، صنين، وادي البقاع، أرض طفولته، خصوصاً عندما يغطيها الثلج… فانتابته حاجة ملحة للرسم في الليل وفي النهار بالتناغم مع ماضيه وحاضره ومستقبله وذاته.
بين 2007 و2009 وبعد سنوات الصحراء بامتياز، بات الكمال أكثر أهمية بالنسبة إليه، لم تكن الصحراء رمالاً يرشها على القماش الرطب أو خلط الألوان لإظهار التشابه مع الواقع. الصحراء هي قصة رجالها في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، هي الخيمة، هي حلم، هي حضارة مستقبلية في طريقها إلى أن تتشكل. لوحاته تأسر جوهر الكمال في مكونات الصحراء الثقافية وتأثيرها في عينيه وفكره ومشاعره.
كانت السنوات القليلة الماضية حافلة بطاقة في سباقه مع الوقت. آمن بقوة لكن بتواضع، أنها كانت سنوات حرية غير محدودة من دون قيود. بالتوازي، ذهبت تجاربه في خلق لوحات تعبيرية في التسعينيات أبعد من كتابة المشهد إلى معنى الخط في البحث عن جمالية الأبجدية الجديدة.
هل هو التعقيد المتوازن لاكتشاف أبجدية يفخر بوجودها أو مجرد تحرير الخط بحثًا عن غرائبية روحية ؟ الانشقاق الثقافي الذي شهد عليه باكراً في سنوات تدرّجه بين الفنانين والمثقفين كانعكاس لانتماءات مختلفة ثقافية وسياسية، دفعه إلى اتخاذ توجهات عدة.
هل يكون للفن توجه أو انتماء؟ لطالما آمن أن الفنانين يجب أن تكون لهم حرية للتحقيق في كل مسألة جمالية، للمساهمة في تحفيز وتعميق تقديرهم لها. الفن مثل العلم يجب ألا يقتصر على ناحية واحدة من التحقيق لرجل واحد وثقافة واحدة. يحاول شوقي شمعون التحرر من ماضيه ومن مكانه في التراث، وقد استمتع بذلك في ابتكار لوحات جديدة تتعمق في السعي الإبداعي.
ولد في البقاع عام 1942، تخصص شوقي شمعون في الفنون الجميلة، يوزع حياته بين بيروت ونيويورك. أقام 35 معرضًا فرديًا في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والعالم العربي والشرق الأقصى، وشارك في 55 معرضًا جماعيًا منذ 1962. أعماله موجودة في مجموعات خاصة وعامة.