الظلم الذي تراه على فئة من الناس دون غيرها وشعورك بالعجز بالدفاع عنهم هو قاس ومؤلم .
الغالبية المجتمعية التي حتمتها ظروف تاريخية وسياسية واجتماعية ان تكون من لون مجتمعي واحد وحين يصبح صوتها العالي والوحيد بفعل ظروف زمنية قاهرة استطاعت أن تتسيد المشهد الاجتماعي والديني قد أعطاها المبرر والمسوغ ان تلغي الآخر وتصغره حتى أحالته ( كحبة عدس ) رغم كل ما يملك من قيم حضارية واخلاقية وتاريخ مشرق حيث كانت العدالة سِمَته وعنوانه والتعايش احدى اخلاقياته .
كيف يمكن أن تقول قولتك وكلمة الحق والفاصل بين فمك وفوهة البندقية شعرة ؟
كيف تصرخ لا للظلم وكفى سحقا واحتقارا للآخر المختلف المسكين الذي وجده نفسه على هذه الشاكلة الوجودية دون أن يختار هو ولا يملك قوة بالدفاع عن هويته ؟
ذنبه الوحيد لقد وجد نفسه مولودا على هذه الارض وهذه الجغرافيا التي تمسك بها وأحبها وانتمى اليها . ولا يريد مغادرتها ولا حظر تاريخه منها .
فلقد بددت اللحظة الزمنية الراهنة كل أدواته للتعبير عن نفسه وعن وجوده وهويته ، باتّ سلاحه الوحيد هو كيف يرضي الطواغيت التي تمشي مرحا على هذه الارض التي امتلكوها وفق ضرورات زمنية لحظية دون غيره منحتهم هذه الضرورات ليلغون الاخر ويسحقون كرامته ووجوده وحياته ، فهل من المنصف ان يكدّ ويشقى هذا الآخر الضعيف الخائر من الفعل الوجودي ويمنح كدّه للطغيان من أجل المحافظة على حياته واسرته وقريته ؟
اذا كانت الكنيسة في يوم ما تأخذ قوت الفلاح كله لكي تمنحه وعدا وصك مغفرة والدخول في جنات الرب بإذن منها ، فاليوم أرى أمّ عيني يهب هذا الكائن المختلف كل ما يملكه لا طلبا للجنة بل طلبا أن يمشي على هذه الارض بسلام كأية دابة أو سحلية دون ان تقتنصه البنادق المتسيدة على المشهد الحياتي والمتحكمة بمصير الناس وحياتهم دون رادع ودون حماية من أية منظومة أمنية أو سياسية أو اممية .
ربما تجد مقولتي هذه وكلماتي لن تنال سمعا واصغاء من أحد ، ولكن انا على ثقة ان كل الميّتين والذين تركوا ديارهم وتواروا عن وطنهم قد فهموا ما وراء القصد .
وخاصة اولائك الفتية الذين التقيتهم على حدود في احدى نقاط التفتيش وهم كانوا جالسين القرفصاء وارجل الشرطة تركلهم بشهوة وانتشاء وهم لا يحركون ساكنا – أقصد الفتية –
حاولت أن اقول شيئا أو أنبس بشفتي محتجا على هذا الجرم والتوحش الانساني وجدت نفسي مرميا على جادة القدر يرجمني الأهل والعشير والآخر الغريب.