المثقَّف اللبناني و سؤالُ الدولة..!!

    

المثقف ومسؤولية بناء لبنان الغد..!

أين هو المثقف اللبناني ؟؟؟

لماذا يختبئ من واجبه ودوره !؟؟؟؟

ينفتح الكلامُ في ظلّ تمادي المثقفين في غيابهم و غيبوبتهم ، على قضايا ومحاور تطال الشخصية اللبنانية بعمقياتها ، وتتناول مواضيع ركيزية لصيقة بالمثقف اللبناني ، الذي كان له دورّ وحضورّ وفعلّ في نشأة هذا الوطن وتحصينه وتجميله ، بالنقد والتقويم وابداء الرأي جهرا” وصلابةً والخبط على الطاولة عند اللزوم…. او بالانتقاد الجاد والمعارضة ورفع الصوت ، والنزول الى الميدان غبَّ الطلب ..!

المشهديةُ القاتِمةُ اليوم  هي ان  (المثقف المدني )  غائب او مختبىء من نفسه خجلا” ، لا خوفا” ولا وجلا” من اي غير , بل لأنه تقاعد وتقاعسَ و سلَّمَ ناصيه وحاضرهُ و غَدَهُ ، للقابضينَ على الأمور بالقوَّة ، من دون أنْ يُجْهِدَ نفسه بالنهوض و محاولة الوعي من كبواتِ الحروب وعَثرَات الأيام، فَدارَ دولابُه عكس السير ، و تَعرْقلَتْ عقاربُ الزمن وضاعَ في متاهات ِ السياسةِ الإستهلاكيّةِ المقْبوضِ عليْها من القادرين والقَدَرِيّينَ…!!

.. نحن الآن، نُفَتِّشُ  عن المثقف اللبناني فلا نجده..!  نبحث عنه كمفقود ، ولا نَنْعيه كفقيد … الا اذا صَمّمَ هو أن يندثر بدلَ ان يستفيق وينتصر !

نحن هنا ، لنقول إن كيانيةَ لبنان هي من كيانية المثقف المفكر / والمثقف الناقد / والمثقف الفاعل / والمثقف المسؤول / والمثقف العالي الجبين الذي لا ينتظرُ امرَ مَهمَّةٍ من احد ، ليأخذَ دوره ، ويبادرَ ويتَّخِذَ  وَضْعِيَّةَ الفكرِ التفاعليّ ، متى قرَّرَ هذا المثقفُ ان يحضُرَ من جديد و  يقول : ” انا هنا ” , و ” سأستعيدُ وَعْييَ الآن ” ..!

نحن هنا ، لنحرض المثقَّف الغائبَ ، على استعادة دوره ومكانته ، وان يُسْهِمَ بإعادة بناء لبنان الذي نرجو ان يكون..!

أدياننا ، للمثقف فيها مكان ، شرحا” وتنويرا” وتصويبا” ومنْعَا” من التحْريفِ والتأويلِ والتفسيراتِ الرماديّة..!

طوائفنا ، مذاهبنا ، احزابنا ، جماعاتنا ، للمثقف فيها مكان ..لا أحد يأخذ مطرح احدٍ..ولن يكون ولن نقبل لهذا المثقف  ، متى قرر الحضور ، ان يكون ضيف شرف او من الكماليات… فإمّا ان يعرف هذا المثقف كيف يكونُ هو وحده مرتكز البيكار في دوائر القرار،…وإمّا  ان يبقى مرتاحا” في رقاده وسباته الكهفي ، ولا يعودُ الى الحياة من جديد..!

تعالوا نتأمل في مسيرة المثقف اللبناني ومساره قبلا”! نراقب نتذكر ، نستعرض ونوازن بين  حالات اربع :

1 – في حالة السياسة؛ كان المثقف قطب المعارضة الاصلاحية…. اليوم غابت ثقافة الاعتراض والنقد و (لفت النظر)..  وليس في ذلك ما تطمئن اليه الاجيال مواطنو الغد!

2 – في الصحافة والاعلام؛ اقلامٌ جفَّتْ، وريَشٌ تكسَّرتْ، وحناجرُ خرسَتْ ومثقفون صنعوا بالامس عمارات فكرية وخاضوا ميدانيات نضالية وطنية وقومية وانسانية ..واليومَ همُ ليسوا  هنا …ليسوا ..ليسوا…!!

حتى في جرائدنا ودورياتنا التي تتساقط اليومَ بالصَّفِ، كانت الصفحات الثقافية منابر للرأي النقدي الشريك ببناء الشخصية الوطنية .. اليومَ،و في ما تبقّى من اوراقٍ تُشْبِهُ الصحُفَ، لا نجِدُ ثقافةَ ولا مثقفين … كثَيرٌ من الصحافيين قليلٌ من الصحافة !

3 – في الاجتماع والاقتصاد ؛ تغيبُ المشاركات المتخصصة ونفتقدُ الاستراتيجياتِ والتخطيطاتِ  ونسلّمُ رقابنا لديكتاتوريات رؤوس الاموال وسلطة المَحاَفِظِ المالية ،حيث  أصبحَ الانسانُ رقماً والوطنُ مصرفِاً..  فيحضرُ الندْبُ والنَّقُ والتأفف والتذمرُ.. والمثقفُ الغائبُ استلذَّ ان يكونَ باسماً ضحية خرساء تضحكُ لسلّاخيها…!

4 – في القانون والتشريع وصون الحق ؛ قلَّ المشترعون ، وكثُرَ المشارعون والصٕوَّاتونَ…والحقُ  هنا على المواطن-المثقف المتقاعِسِ عن واجب الانتخاب.. والذي بغيابه وضعَ الصندوقةَ امامَ العازل.. وأَنْزَلَ فيها ورقَةً لا لوْنَ لها ولا مضمونَ فيها،ولا تأثيرَ لها…!

نحنُ اليوم، نكتبُ لنعلنَ لِلمثقّف اللبناني  ( امرَ اليوم ) ، وهوَ أَنْ  يَسْتعيدَ عباءَةَ الادب ويحملَ القلمَ ويتصَدَّرَ مجالس الفكرِ الملتزم الصريحِ الانتماءِ والنهائيِّ الولاءِ للبنانَ بكيانيته التكامليّة ،التي ولَوْ هزَّتْها احوالٌ وتدخلاتٌ.. فإنها تهتز ولن تقع …!!

نحن هنا لا لنَتَّهِمَ…ولا لندَّعي إننا من غيرنا ، أنبَهُ وافهَمُ..  بل لنقولَ لمثقفي الوطن والمهجر والاغترابات ، إن لدينا مشروع هو أبعد من فكرة !

مشروعنا هو أن نستعيد دورنا ونؤكد حضورنا الثقافي والفكري، كمُكَمِّلينَ للجماعاتِ والاحزابِ السياسيّةِ والقواعدِ الوطنيةِ… فنسهمُ معا” بتقعيدِ ( مشروعنا – الفكرة ) وهو ان نعيد تأهيل او خلق او ترميم او تحفيز المثقف ، ليحضر ويفكر ويتجرأ ويتفاعل ويكون لضميره ولجماعته وبيته  كلمةَ حقّ مسؤولة..  ومتى كان المثقف لجماعته إبْنا” ( صَحّ ) كان لوطنه إِبنا” ( صَحّ ) …!

وفي زمن (سؤال الدولة ) نحنُ الآن خائفون خائفونَ جداً، ادإن لم يبادر المثقف الى النهوض والتفاعل … خائفون لا أن نبقى شهودا” على انهيار كيانيتنا فقط بل ان نتَحَوَّلَ الى شواهِدَ ، تُتْلى عليها الفاتحات!

اترك رد