“شعراء كردستان”… قصيدة جوزف حرب الخالدة

      

في قصيدته شعراء كردستان يرسم جوزف حرب هذا الشاعر المخملي الغارق في التصوف الشعري لوحة جديدة بريشة لازوردية عابرة للالوان ممتدة حتى آخر بقعة من بقاع الأدب العالمي الذي يكسّر جليد التهميش عبر مسافات الانسانية الشائكة التي تعرضت الى اقسى انواع القتل الرحيم طوال عصور مضت ..

وقد لا يختلف اثنان بأن درويش الذي اهدى قصيدته ( ليس للكوردي الا الريح ) لسليم بركات تعشش في قلوب الكورد أكثر بعد هذه القصيدة التي تناقلتها الالسن عند كل خيبة اقتربت من سفوح جبال كوردستان باجزائها الاربعة فالكورد الذين لديهم لغتهم وثقافتهم وادابهم وفنونهم يعرفون جيداً بأن التواصل الانساني والثقافي من اهم ركائز ديمومة خلق الأنسنة بايجابياتها بين الشعوب لذا فهم منفتحون على الآخرين بشكل كبير وكبير جداً ولانفتاحهم هذا وقع كبير لدى حاملي راية الآدب والفنون والعلوم في مختلف اصقاع الارض.

كذلك فعل حرب في قصيدته ( شعراء كردستان ) والتي جاءت ضمن ديوان ( كلك عندي الا انت ) والصادرة سنة 2008 من دار رياض الريس للكتب والنشر في لبنان، فهو يعبر عن عمق الثقافة الكوردية ومدى فاعليتها في الساحة الشعرية العالمية عبر الشعراءالكورد الذين قد نراهم مبدعون بلغات أخرى اضافة للغتهم الام، فحرب شاعر له باع طويل في مضمار الشعر العربي وله بصمات واضحة على خارطة الأدب العربي وقد ترك لنا ثروة ادبية لا تقدر بثمن، عبر كتبه الشعرية التي تعدت العشرين كتاباً بين الفصحى والمحكي اللبناني منها ( المحبرة، شجرة الأكاسيا، مملكة، الخبز والورد، الخصر والمزمار، السيدة البيضاء في شهوتها الكحلية، زرتك قصب فليت ناي، أجمل ما في الأرض أن أبقى عليها ) وهو من غنت له فيروز اجمل اغانيها ومنها ( لبيروت، حبيتك تنسيت النوم، لما عالباب، ورقو الأصفر، أسامينا، أسوارة العروس، زعلي طول، بليل وشتي، خليك بالبيت، رح نبقى سوا، فيكن تنسو، البواب ) والتي ستبقى عالقة في القلوب والاذهان لأجيال لاحقة أخرى .

غلاف الكتاب

اذا كان الشعر هو عتبة المجتمعات التي تمر من خلالها الآداب والفنون الأخرى الى  ضفة الجمال المطلق فأن حرب اجاد في تأطير هذه العتبة  من خلال اطلاقه لقصيدته هذه والتي اعتبرها من اجمل ما قيل عن الشعراء الكورد مؤخراً لأنها تختزل ثقافة وتاريخ شعب عانى ماعانى من ويلات فبالرغم كل معاناته الا انه مايزال متمسكاً بالجمال والابداع الثقافي وتلقيح التاريخ بمبدعين عبروا حدود الابداع ودخلوا في ذاكرة الشعوب الحية .

قصيدة نادرة للشاعر اللبناني المرحوم جوزيف حرب بعنوان “شعراء كردستان”

أحب 

غناء كردستان.

أحب الناي

في شعراء كردستان.

ولا شعراء ألصق فيَّ

من شعراء كردستان.

فقد جبلوا من العصفور، والمنديل،

والموال،

والصوان.

أحب جميع من غنَّى

بكردستان.

فآه كيف يسبح كالجناح الشَّعر،

أو يبري النساء خصورهن الرقص، أو يمتد غيم الشوق

لما

تمطر

الأحزان.

فيا جبلا بكردستان،

به قمر، وسيف أخضر،

وحصان،

وجرح فائر لبيارق ذابت

لتسقي روح كردستان،

ليحرسك الدم الكردي،

واللحن الشجيُ السحر، والديوان.

أحب الأرض فيك لأنها امرأة

يموت لأجلها الفرسان.

ألا عاشت بوجهي

كي أراها مرة عينان

اترك رد