في ذكرى افتتاح قناة السويس (17 نوفمبر 1869) وضمن خطة لإنشاء متاحف إقليمية في مصر، احتفلت وزارة الدولة لشؤون الآثار بوضع حجر الأساس لمتحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية الذي يروي تاريخ أقدم قناة صناعية في العالم، منذ شق الملك سنوسرت الثالث قناة لربط البحرين الأحمر والمتوسط، ويتضمن الوثائق التاريخية لإنشاء قناة السويس، “ملحمة شعب وتاريخ أمة… سجل لكفاح المصريين”.
أوضح بيان صادر عن وزارة الدولة لشؤون الآثار أن المتحف سيكون “مركز إشعاع ثقافي ينشر ثقافة الصبر والكفاح”، لافتاً إلى أن مصر أول دولة شقت قناة صناعية عبر أراضيها لتربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق النيل، على يد سنوسرت الثالث (1878-1843 قبل الميلاد)، وموضحاً أن مشروع المتحف تنفذه إحدى الشركات الفرنسية بالتعاون مع جامعة القاهرة. يقدر مؤرخون أن 125 ألف مصري ماتوا أثناء حفر القناة مصابين بالكوليرا وبسبب الظروف غير الإنسانية للعمل الشاق.
قناة السويس
ممر مائي صناعي بطول 193 كم بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسويس على البحر الأحمر. تقسم القناة إلى قسمين، شمال البحيرات المرّة وجنوبها، تسمح بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا وأميركا إلى آسيا ، من دون سلوك الطريق الطويل – طريق رأس الرجاء الصالح.
استغرق بناء قناة السويس 10 سنوات (1859 – 1869)، وبلغت ايراداتها في 2010 نحو 4.8 مليار دولار أميركي. أكبر رسوم للمرور كانت مليوني و28 ألف دولار، ودفعتها سفينة إيطالية حمولتها 59 ألف طن، عبرت قناة السويس في 7 سبتمبر 2011 .
وتعتبر قناة السويس أهم مجرى ملاحي في العالم، وتتحكم بـ 40% من حركة السفن والحاويات في العالم لربطها بين دول جنوب شرق آسيا وأوروبا والأميركتين.
فكر المصريون القدماء في ربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، لموقع مصر المتوسط بين قارات العالم القديم، فربطت القناة الأولى التي أنجزها الملك سيتي الأول ( 1310 قبل الميلاد)،النيل بـالبحر الأحمر، وأعيد بناؤها في عهد الفرعون سنوسرت الثالث وفي عهد الملكة حتشبسوت.
خلال الحملة الفرنسية على مصر، وتحديداً في 14 نوفمبر 1799، كلف نابليون بونابرت المهندس الفرنسي لوبيير بتشكيل لجنة لدراسة منطقة برزخ السويس وجدوى حفر قناة اتصال بين البحرين. إلا أن التقرير الصادر عن لجنة لوبيير كان خاطئاً، وذكر أن منسوب مياه البحر الأحمر أعلى من منسوب مياه البحر المتوسط بمقدار 30 قدم و 6 بوصات، بالإضافة إلأى وجود رواسب وطمي النيل قد يسدّ مدخل القناة مما أدى لتجاهل تلك الفكرة.
وفي أثناء حكم محمد علي باشا لمصر، وضع لينان دى بلفون الذي كان يعمل مهندساً في الحكومة المصرية، مشروعاً لشق قناة مستقيمة تصل بين البحرين الأحمر والأبيض (1840)، مؤكداً ألا خوف من علو منسوب مياه البحر الأحمر على البحر المتوسط، بل على العكس سوف يساعد على حفر القناة، وأن مياه النيل تجري من الجنوب إلى الشمال وتصب في البحر المتوسط.
بعد ما تولى محمد سعيد باشا حكم مصر في 14 يوليو 1854 حصل فرديناند دي لسبس (كان مقرباً من سعيد باشا) على فرمان عقد امتياز قناة السويس الأول مدته 99 عاما من تاريخ فتح القناة، فاعترضت إنكلترا بشدة على هذا المشروع خوفاً على مصالحها في الهند.
في 25 أبريل 1859 انطلق العمل في القناة في احتفال بسيط وضرب دي لسبس بيده أول معول في الأرض إيذاناً ببدء الحفر، وكان معه 100 عامل حضروا من دمياط، إلا أن العمل سرعان ما توقف بسبب معارضة إنكلترا والسلطان العثمانى (الباب العالي)، واستكمل في 30 نوفمبر 1859 بعد تدخل الامبراطورة أوجينى لدى السلطان العثمانى، وبلغ عدد العمال المصريين 330 عاملاً والاجانب 80 عاملاً، في ما بعد استغني عن العمال الأجانب لارتفاع اجورهم واختلاف المناخ وعاداتهم عن العمال المصريين.
عام 1861 ركزت الشركة على إنشاء ميناء مدينة بورسعيد، فأقامت منارة لإرشاد السفن وجسراً يمتد من البحر إلى الشاطئ لتفريغ شحنات السفن والمعدات اللازمة للحفر، وحوضاً للميناء ومصنعاً للطوب.
في 18 نوفمبر 1862 أقام دي لسبس احتفالاً في منطقة نفيش، بمناسبة الانتهاء من حفر القناة البحرية المصغرة ووصول مياه البحر المتوسط إلى بحيرة التمساح، وفي 16 نوفمبر 1869، دعا الخديوى إسماعيل أباطرة وملوك العالم وقريناتهم لحضور افتتاح القناة، وكان حفلا أسطوريا اقترب من حكايات ألف ليلة وليلة. استغل إسماعيل تلك المناسبة لإظهار مدى حضارة مصر ومزيد من الاستقلالية عن الآستانة.
كلام الصور
1- خريطة توضح مسار قناة سيوستريس الثالث بين نهر النيلوالبحر الأحمر..
2- قناة السويس.
3- حركة الملاحة في قناة السويس.