لجأتُ إلى غرفتي، علَّ عزلةً تُريحُني من جبلِ أثقال رَوَتْهُ دماءُ المآسي، من قرفٍ فاضَ عن كَيْلِه، من يأسٍ يلتَفُّ كأخطبوطٍ تغذّى من دموع المقهورين، من غضبٍ يعلو كمارِدٍ رفعَتْه ِحبال الظلم، من أقنعةٍ طالَ زمنُ ارتدائها حتى أصبحت هي الوجوه.
نشدتُ نوماً يُسكت هذا الضجيج… وإذا بعصفور يغطُّ على غصنٍ مُلامِس لنافذتي، يطلق تغريدة حادّة تقصُّ الهواء كأنها نغمة أوبرالية. فغرَّدَ معه نبضُ قلبي. هل التغريدة لعصفورٍ عاشقٍ يلحِّنُ نداءَ شوقٍ وحب؟ أو صرخةُ خائفٍ ضاع من سربه؟ أو شكوى من جوع وعطش؟ ليس كل ذلك مهماً. فقد غرَّد معه نبضُ قلبي. وبكلِّ بساطة، تأكدتُ من أنني: كم أحب الحياة!