آية السيف أم آية الرحمة… مفكّر متنوّر سار عكس التيار

الباحث الأكاديمي سعد كموني:

هزائم العرب لم تكن عسكرية بل فكرية

المحاورة شادية سمعان والباحث د. سعد كموني

 

سعد كموني الباحث الأكاديمي الجامعيّ يطلق كتابه الأخير “آيات الجهاديين”. وهو كتاب أقلّ ما يمكن ان نقول عنه إنّه مثير للجدل. والجدل المقصود يبدأ من عنوان الكتاب. كأنّ الباحث يفصل بين آيات السلام وآيات الحرب. وهي حرب دينية مبدأها الجهاد، في بعديه العسكريّ والدينيّ.

وبعيداً من هذا الجدل، كان لنا مقابلة مع الباحث الدكتور كموني، لعلّه يلقي إضاءات تبدّد التأويلات التي أثارها مؤلّفه الجديد، وتفسّر لنا الغاية الأساس من مؤلّفه هذا. وهذا ابرز ما ورد في المقابلة:

الرئيس كميل نمر شمعون… وثورة 1958

إنزال قوات المارينز على الشاطئ اللبناني

شادية: أستاذ كموني، قبل الحديث عن كتابك الجديد، هل لك أن تعطي القارئ نبذة عن حياتك?

د. كموني: صدق من قال: الإنسان ابن بيئته. انا ابن بيئة ثورية، منذ طفولتي. كان عمري سنة واحدة حين نشبت ثورة 1958. فنهلت أحداثها مع حليب الطفولة. ونما فيّ منذ ذلك العهد القلق الوجوديّ. وكنت في العاشرة من عمري حين حصلت النكسة عام 1967. ولا مجال الان للحديث عن شعور الخوف لدى ابن السنوات العشر. ونما فيّ، منذ ذلك التاريخ ، نداء البحث عن السلام، في عالم شعاره القلق والجهاد المكللان بالهزيمة.

شادية: كيف عبّرت عن قلقك?

د. سعد: منذ نشأتي الأدبيّة والفكريّة ادركت ان سبب هزيمة الشعب العربي لم تكن عسكرية بل فكرية. وتعزّز خوفي المصيريّ عندما رأيت العدو الصهيونيّ يطوّر اسلحته الفكرية، فيما المثقف العربي غارق في ضبابية البحث في أجناس الملائكة. فلجأت الى الدين، وهو المحرّك الأساس للنهضة العربيّة. وحاولت عبر دراسة الخطاب القرآني الوصول إلى عمق المأساة: انحراف المفكر العربي عن مبادئ الخطاب القرآني، وفهمه بصورة خاطئة، كي لا أقول، بصورة فيها من سوء النية الكثير، لسببين لا ثالث لهما: جهل الدين أو تجاهله في سبيل مصالح سلطوية. وكان عليّ أن أصوّب دفّة السفينة، في سبيل نهضة عربية حقيقية.

هزيمة 1967… النكسة

شادية: كتابك ايات الجهاديين يوحي خللاً جوهريا. ما ابرز معالم هذا الخلل?

د. سعد: ليس الخلل في الايات، ولا في الكتب المقدّسة. انما هو في التأويل والتفسير الخاطئ. لذلك كان سؤالي، في الفصل الثاني من كتابي ايات الجهاديين:آية السيف أم آية الرحمة? وفي سؤالي هذا انكار واضح ان يكون الإسلام ، في خطابه الحقيقيّ، دين الحرب والقتل، والجهاد الدامي. فالنبي الكريم أرسل رحمة للعالمين، لا نذير موت ودمار.

 النكسة… تابع

شادية: إذا أنت تنكر على الجماعات المتشددة لجوءها الى العنف، لأنه ليس من شيم الدين الحنيف?

د. سعد: استغلال الايات التي تحث على الجهاد لم يكن لمصلحة الإسلام والمسلمين. فالحقد والقتل لا يجرّان الا الخراب والموت. وعلينا إعادة قراءة تلك الايات انطلاقاً من جوهر الدين الصحيح، لا من التأويلات التي تحمل في جذورها بذور الضلال والمآرب المشؤومة.

… وتابع ايضاً

شادية:في الحقيقة إن كتابيك الخطاب القرآني وايات الجهاديين يحملان دعوة اصلاحية نهضوية. هل يمكننا ان نقارنها بإصلاحات محمد عبده، في مصر، منذ مئة عام?

د. سعد: دعواتي الى الإصلاح لم تكن وليدة نزعة ذاتية، بل موضوعية فرضتها حال التخاذل الإسلامي، في عصرنا الحديث والمعاصر. وهو تخاذل سبب الهزيمة العسكرية العربية والإسلامية بعدما انحرفت خير امّة الى مهاوي النرجسيّة والضبابيّة في التفكير والحياة الثقافيّة المزدوجة المآرب والغايات.

شادية: هل من كلمة أخيرة تقولها للقارئ العربي?

د. سعد: أصبتِ حين قلت العربي لا المسلم. فالفكر الإسلامي فيه من الشمولية ما ينئيه عن المذهبية والطائفيّة، وهما علة دماره. ولا يتحقق الإنقاذ والإصلاح الا بالانفتاح، وتقبّل الرأي الاخر المخالف، ومقارعة الحجة بالحجة والمنطق، لا بالسيف، والتكفير.

وانتهت المقابلة مع الدكتور سعد كموني بسؤال طرحته على نفسي: هل يمكن لهذه المقابلة أن تبصر النور، من دون ان تصبح حكما مبرما بالإعدام ، على مفكّر متنوّر سار عكس التيار، حاملاً نعشه على كتفيه.

اترك رد