من دفتر الغربة (سنوات نيويورك)

          

أختي الحبيبة، اكتبي لي، لأقفزَ في حقول القمح، لأتنشَّقَ عبير الغابات، لأستعيدَ غبطة الطفولة، وأُخمدَ ناراً في قلبي تلسعُ ولا تُدفئ، في هذه البلاد التي فيها القمح وفير والغابات شاسعة ولعب الأطفال مغرية ووسائل التدفئة تعمل ليلاً ونهاراً.

*****
مطرٌ غزير يجلدني وأنا أسيرُ على أرصفة نيويورك، يروي جذورَ الكآبة المتشتِّلة في أحواض نفسي، يجلو الغشاوة عن معنى الغربة، يُحكم طوق العزلة، ويوحي إليّ بأن البشر جميعهم قد رحلوا إلى كوكب آخر.
*****
كان السفر حلمي واكتشافُ عوالم جديدة رغبتي. ولم أكن أعرف عندما حزمتُ حقائبي أنها ستكون ثقيلة إلى هذا الحد. ثقلـُها كثقل الذنب، حجمُها كوطأة الخطايا. فأدركتُ أن السفر من وطنٍ يتألم، يتحوَّل حُكماً إلى تخلٍّ وربما إلى خيانة. فهل ينفعُ الوطنَ اعتذاري؟
*****

اترك رد