الابتكارات المثيرة للرهبة البصرية التي تدفع الحس الجمالي نحو تفاصيل الحركة

 

  

تتسع لوحات الفنان الايطالي الاميركي “دنيس كوسو”( denniscossu)لمزيج من الابتكارات المثيرة للرهبة البصرية التي تدفع الحس الجمالي نحو تفاصيل الحركة،  والخطوط بأشكالها المختلفة،  المتناغمة مع الالوان وحيثياتها الدقيقة التي تتوج ذروة الهندسة البصرية،  وعبقرية التمازج التشكيلي على مساحات واسعة تتوازن فيها الخطوط الداخلية والخارجية،  وبمؤثرات دقيقة  تدفع بالمتلقي الى البحث عن الفراغات بين تراكم الالوان والاشكال والخطوط والسكون رغم كثافة الحركة،  وتأثيرها على الواقع البصري وعمق البعد الجمالي  المتميز بالنظام والانضباط والصفاء والبساطة.  اضافة الى الابعاد الروحانية المنبثقة عن النظم النغمية في اللوحة ذات النقاط الارتكازية على الاضداد الموسيقية للالوان وللخطوط معا.  عبر مجموعات مختلفة من الاشكال والالوان وانعكاسات الضوء التي تطفو بشكل يتضاد مع المساحة الجغرافية التي يضع لها النقاط المحددة،  ليجعلها ضمن مستويات هندسية بصرية بحته.  فهل للبصر من رهبة تشكيلية تلامس العقل والوجدان فيحاكي اللوحة التشكيلية ؟.

يلتقط الفنان” دنيس كوسو”  من خلال التجريد الهنسي البؤر الضوئية التي تثير المشهد الفني،  وتضعه ضمن تغيرات الالوان الفواتح والغوامق،  والتدرجات التي تحدد جمالية الشكل الهندسي المجرد،   المثير للتساؤلات باتباع الانماط الديناميكية ذات الصلة بالالوان والضوء،  والعاطفة والحدس والايحاءات ، وبتوازنات مع هيكيلية الضربات اللونية المدروسة بين اقسام اللوحة،  وانعكاسات ذلك على المساحة والفضاءات الثلاثية الابعاد،  والثنائية احيانا وكل ما يتشكل من خطوط منحنية او مستقيمة على مسارات ذات تموجات طويلة وقصيرة ، وبجدلية الادراك الهندسي وتأثيراته البصرية على الشكل والنظم المسنمدة تناقضاتها من خلفيات الالوان الاخرى.   لتصل الى اقصى درجات التباين،  مما يعكس قيمة الفكرة التي انطلق منها الفنان  “دنيس كوسو”  من اللانهاية نحو نقطة البداية للبحث بموضوعية عن ماهية الشكل وجوهر المكنون الجمالي في اللوحة .

من مجموعة متحف فرحات Farahat Art Museum.

تتسم عملية الوعي الهندسي في اعمال الفنان كوسو بالنشاط الذهني المبني على فروقات الاشكال والالوان،  واسس اهدافها الاستبطانية المتميزة بسيمفونية هندسية تميل الى التجريد الابداعي  او خصائص اللوحة البصرية،  المزاجية في الفراغات والضوء والجدية في الخطوط والالوان،  وان ضمن حسابات جيومترية  تجعل من  الشكل بؤرة مركزية للبصر،  لاثارة اهتماماته في معرفة ماهية الاشكال واتجاهاتها،  وانعكاساتها الفاعلة في ابراز الخصائص الهندسية للوحة ومعناها . اذ تعد مرحلة التكوين الهندسي هي نفسها مرحلة التجريد اللوني المرتبط بالمهارات التخطيطية،  لفكرة انطلقت من نغمية الشكل واللون على مساحة يتم تقسيمها وفق قياسات دقيقة تكمن وراءها وهمية الاشياء المتخيلة نفسيا،  وترجمتها الفعلية عبر اشكال ترتبط بالنفكير المنطقي،  وقدراته الاستدلالية  التي تتصف بالسطوح غير المكتمله،  التي تنتهي حيث يبدأ الاخر من نقطة الصفر الى ما لا نهاية وبالعكس.   وبتوظيف دراماتيكي لكل نقطة في اللوحة بحيث تستند على معادلات ذات مدلولات تكوينية تتضح منها المعاني والرؤية . مما يجعل من اللوحة عدة لوحات او عدة نظريات في لوحة واحدة،  كأنه يشير الى الكل في الجزء وبالعكس،  وقدرة العقل على التقاط التآزر البصري في الفن التشكيلي .

تشابه وتباين وتماثل وعدة نقاط تتصل ببرمجة بصرية ذات صفة هندسية خاصة الجوانب من حيث مزيج الاشكال وسيكولوجيتها اللونية،  وفقا لفروقات ذات مفاهيم فنية  يمارسها الفنان”  دنيس كوسو ” بتقنية تنظيمية لها تطلعاتها التشكيلية المتقيدة بالمقاييس والمعايير المعينة،  الموزعة على سطوح تمثل فدرة الشكل في الثبات على سطح مستو،  وضمن فضاءات تتضمن فكرة التماسك بين الشكل والايقاع  والمكان الثابت والمتحول.  ليوحي بالبنية الهندسية المشدودة الى بعضها البعض،   ضمن حالة فنية عميقة  تقوم اسسها على المقارنات الاستدلالية بين جميع مكونات اللوحة.  لاظهار قيمة العناصر المرسومة،  وقيمة اللون واهميته في ابراز مظاهر الشكل وحجمه وابعاده،  ومنحه جوهر ثري في ترجمة الوجود  المساهم في تحديد الابعاد والفراغات ،  والاحاسيس العقلانية في التجريد الهندسي المتعلق بشبكية الخطوط ومقاييسها الخاصة . فهل يمكن لقدرة الابتكار ان تترجم من خلال لوحة كهذه؟

تكافؤ بين الوحدات البصرية ومراعاة للمنظور الهندسي دون ان يفرض كوسو اي مساءلة للاشكال والالوان،  وقوتها كوسيلة لانتاج جمالي يعتمد على كفاءة المحتوى،  والوسيط الوهمي المحتفظ بهوية التجريد الهندسي والبصري،  وكيفية النظر الى الوحدات التمثيلية المشحونة عاطفيا بمتغيرات فنية مستقلة.  تصحح مسار الوحدات الاخرى بخطوط هي الاسس لاستجايات البصر.  ليتوافق الادراك مع الوعي والحالة التشكيلية التي يدمجها بالجوانب الجذابة والمثيرة،  والتصورات المؤدية الى اكتشاف كيفية التفاعل العاطفي مع العقلاني،  وفهم معنى اللون داخل كل شكل يلتقطه البصر بعيدا عن الخوف والصراعات والنزاعات التكوينية وذلك بتحفيز  التكافؤ بين الوحدات لتسليط الضوء على المحتويات الدلالية للوحة .

ان لوحة الفنان” دنيس كوسو”  هي واحدة من التقنيات الهندسية المستخدمة بصريا في خلق المفاهيم الاسلوبية والمعرفية في الفن التشكيلي الذي يعتمد على المحاكاة دون اثارة الجدليات نحو القواعد البنيوية الرئيسية،  والمعايير الفنية التي تسمح بالتلاعب البصري ضمن خصائص فيزيائية ينتجها الضوء،   كأداة جمالية تسمح للتفاعلات الحسية  بالكشف على المستويات المتعددة في التنظيم الموضوعي الذي يعكس جوهر نظرية اللوحة التجريدية الهندسية وعوالم المعنى البصري .

dohamol@hotmail.com

 

اترك رد